للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كمل إنشادها استعادها، ثم صفق بيديه وقال: يا ابن عبد ربه، لقد تأتيك العراق حبواً، انتهى.

٤٠٦ - وقال مؤلف كتاب " واجب الأدب " (١) : مما يجب حفظه من مخترعات الأندلسيين قول ابن عبد ربه (١) :

يا ذا الذي خطّ العذار بخدّه ... خطيّن هاجا لوعةً وبلابلا

ما كنت أقطع أنّ لحظك صارمٌ ... حتى حملت من العذار حمائلا ٤٠٧ - وحكي أن الوزير أبا الوليد ابن زيدون (٣) توفيت ابنته، وبعد الفراغ من دفنها وقف للناس عند منصرفهم من الجنازة ليتشكر لهم، فقيل: إنه ما أعاد في ذلك الوقت عبارة قالها لأحد، قال الصفدي: وهذا من التوسع في العبارة، والقدرة على التفنن في أساليب الكلام، وهو أمر صعب إلى الغاية، وأرى أنه أشق مما يحكى عن واصل بن عطاء أنه ما سمعت منه كلمة فيها راء، لأنه كان يلثغ بحرف الراء لثغة قبيحة، والسبب في تهوين هذا الأمر وعدم تهويله أن واصل بن عطاء كان يعدل إلى ما يرادف تلك الكلمة مما ليس فيه راء، وهذا كثير في كلام العرب، فإذا أراد العدول عن لفظ فرس قال جواد أو ساعٍ أو صافن، أو العدول عن رمح قال قناة أو صعدة أو يزني أو غير ذلك، أو العدول عن لفظ صارم قال حسام أو لهذم أو غير ذلك، وأما ابن زيدون فأقول في حقه إنه أقل ما كان في تلك الجنازة، وهو وزير، ألف رئيس ممن يتعين عليه أن يتشكر له، ويضطر إلى ذلك، فيحتاج في هذا المقام إلى ألف عبارة مضمونها الشكر، وهذا كثير إلى الغاية، لا سيما من محزون، فقد


(١) هو والد الأديب الجغرافي علي بن موسى بن سعيد.
(١) هو والد الأديب الجغرافي علي بن موسى بن سعيد.
(٣) انظر الذخيرة ١ / ١: ٢٠٠ وسرح العيون: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>