للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه فقال له: دعني فإني لا أموت مرتين، وإذا مت أنا فلا عاش من بعدي.

٤٠٤ - ومن حكاياتهم في الظرف (١) : أن القاضي أبا عبد الله محمد بن عيسى من بني يحيى بن يحيى خرج إلى حضور جنازة، وكان لرجل من إخوانه منزل بقرب مقبرة قريش، فعزم عليه في الميل إليه، فنزل وأحضر له طعاماً، وغنت جارية:

طابت بطيب لثاتك الأقداح ... وزهت بحمرة وجهك التفاح

وإذا الربيع تنسمت أرواحه ... نمت بعرف نسيمك الأرواح

وإذا الحنادس ألبست ظلماءها ... فضياء وجهك في الدجى مصباح فكتبها القاضي طرباً على ظهر يده (٢) ، قال الراوي: فلقد رأيته يكبر على الجنازة والأبيات على ظهر يده.

٤٠٥ - ومن حكاياتهم في البلاغة ما ذكر في " المطمح " أن أبا الوليد ابن عيال (٣) لما انصرف من الحج اجتمع مع أبي الطيب في مسجد عمرو بن العاص بمصر، ففاوضه قليلاً، ثم قال له: أنشدني لمليح الأندلس، يعني ابن عبد ربه، فأنشده:

يا لؤلؤاً يسبي العقول أنيقا ... ورشاً بتعذيب القلوب رفيقا

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درّاً يعود من الحياء عقيقا

وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... أبصرت وجهك في سناه غريقا

يا من تقطّع خصره من رقّةٍ ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا


(١) انظر الجذوة: ٧٠.
(٢) الجذوة: على باطن كفه.
(٣) المطمح: ٥٢ وفيه أبا الوليد ابن عباد؛ وفي م: ابن عتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>