للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها:

وكأن الورد يعلوه النّدى ... وجنة المحبوب تندى عرقا قالوا: وهذا النمط قد فاق به أهل عصره، ويظن أنّه لا يوجد لأحد منهم أحلى وأكثر أخذاً بمجامع القلوب من قوله:

ودّعت من أهوى أصيلاً، ليتني ... ذقت الحمام ولا أذوق نواه

فوجدت حتى الشمس تشكو وجده ... والورق تندب شجواها بهواه

وعلى الأصائل رقّةٌ من بعده ... فكأنها تلقى الذي ألقاه

وغدا النسيم مبلّغاً ما بيننا ... فلذاك رقّ هوىً وطاب شذاه

ما الروض قد مزجت به أنداؤه ... سحراً بأطيب من شذا ذكراه

والزهر مبسمه ونكهته الصّبا ... والورد أخضله النّدى خدّاه

فلذاك أولع بالرّياض لأنّها ... أبداً تذكّرني بمن أهواه ولله قوله:

وعشيٍّ كأنّه صبح عيدٍ ... جامعٍ بين بهجةٍ وشحوب

هبّ فيه النسيم مثل محبٍّ ... مستعيراً شمائل المحبوب

ظلت فيه ما بين شمسين هذي ... في طلوعٍ وهذه في غروب

وتدلّت شمس الأصيل ولكن ... شمسنا لم تزل بأعلى الجيوب

ربّ هذا خلقته من بديعٍ ... من رأى الشمس أطلعت في قضيب

أي وقتٍ قد أسعف الدهر فيه ... وأجابت به المنى عن قريب

قد قطعناه نشوةً ووصالاً ... وملأناه من كبار الذنوب

حين وجه السعود بالبشر طلقٌ ... ليس فيه أمارةٌ للقطوب

ضيّع الله من يضيّع وقتاً ... قد خلا من مكدّرٍ ورقيب

<<  <  ج: ص:  >  >>