للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعموا أنها تستنهض النفوس، فبينا نحن نستكبر العدول عن كتب الأئمة إلى كتب الشيوخ، أتيحت لنا تقييدات للجهلة، بل مسودات المسوخ، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فهذه جملة تهديك إلى أصل العلم، وتريك ما غفل الناس عنه؛ انتهى.

ولنصلها بخاتمة (١) تشير إلى حال العلماء أيضاً اعلم أن شر العلماء علماء السلاطين، وللعلماء معهم أحوال؛ فكان الصدر الأول يفرون منهم، وهم يطلبونهم، فإذا حضر واحد منهم أفرغوا عليه الدنيا إفراغاً ليقتنصوا بذلك غيره، ثم جاء أهل العصر الثاني، فطمحت أنفسهم إلى دنيا من حصل لهم، ومنعهم القليل، فانتقصوا مما كان لغيرهم بقدر ما نقصوا من منابذتهم، ثم كان فيمن بعدهم من يأتيهم بلا دعوة، وأكثرهم إن دعي أجاب، فانتقصوا بقدر ذلك أيضاً، ثم تطارح جمهور من بعدهم عليهم، فاستغنوا بهم عن دعاء غيرهم، لا على جهة الفضل أو محبة المدحة منهم، فلم يبقوا عليهم من ذلك إلا النزر اليسير، وصرفوهم في أنواع السخر والخدم إلا القليل، وهم ينتظرون صرفهم، والتصريح بالاستغناء عنهم، وعدم الحاجة إليهم، ولا تستعظم هذا، فلعله سبب إعادة الحال جذعة، عجب الله من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل، وهذا كله ليظهر لك سر قول النبي صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه خلفهم "، قيل: اليهود والنصارى قال: فمن وقد قص علينا القرآن والأخبار من أمرهم ما شاهدناه أكثره أو أكثر منه فينا، سمعت العلامة الآبلي يقول (٢) : لولا انقطاع الوحي لنزل فينا أكثر مما نزل فيهم، لأنا أتينا أكثر مما أتوا، يشير


(١) ق: وذيلت على ذلك بخاتمة.
(٢) انظر نيل الابتهاج: ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>