للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعينه أهل الرياسة للأجراء والإقراء منهم أو ممن يرضى لنفسه الدخول في حكمهم، ويصرفونها (١) عن أهل العلم حقيقة الذين لا يدعون إلى ذلك، وإن دعوا لم يجيبوا، وإن أجابوا لم يوفوا لهم بما يطلبون من غيرهم. ثم قال مولاي الجد رحمه الله تعالى: ولقد استباح الناس النقل من المختصرات الغربية أربابها، ونسبوا ظواهر ما فيها إلى أمهاتها، وقد نبه عبد الحق في تعقيب التهذيب على ما يمنع من ذلك لو كان من يسمع - وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع - ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف، وانقطعت سلسلة الاتصال، فصارت الفتاوى تنقل من كتب من لا يدري ما زيد فيها مما نقص منها، لعدم تصحيحها، وقلة الكشف عنها. ولقد كان أهل المائة السادسة وصدر السابعة لا يسوغون الفتوى من تبصرة الشيخ أبي الحسن اللخمي لكونه لم يصحح على مؤلفه ولم يؤخذ (٢) عنه، وأكثر ما يعتمد اليوم ما كان من هذا النمط. ثم انضاف إلى ذلك عدم الاعتبار بالناقلين، فصار يؤخذ من كتب المسخوطين كما يؤخذ من كتب المرضيين (٣) ، بل لا تكاد تجد من يفرق بين الفريقين، ولم يكن هذا فيمن قبلنا، فلقد تركوا كتب البراذعي على نبلها، ولم يستعمل منها، على كره من كثير منهم، غير التهذيب الذي هو المدونة اليوم لشهرة مسائله وموافقته في أكثر ما خالف فيه المدونة لأبي محمد، ثم كل أهل هذه المائة عن حال من قبلهم من حفظ المختصرات وشق الشروح والأصول الكبار، فاقتصروا على حفظ ما قل لفظه، ونزر حظه، وأفنوا أعمارهم في فهم رموزه، وحل لغوزه، ولم يصلوا إلى رد ما فيه إلى أصوله بالتصحيح، فضلاً عن معرفة الضعيف من ذلك والصحيح، بل هو حل مقفل، وفهم أمر مجمل، ومطالعة تقييدات


(١) نيل الابتهاج: ويصرفهم.
(٢) نيل الابتهاج: لكونها لم تصحح ... ولم تؤخذ.
(٣) نيل الابتهاج: كالأخذ من المرضيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>