للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقال لي يوماً، وقد وجد الصبيان يصوبون بقصب رقاق على الذباب فإذا خرج قتلوه: الغلط الداخل عليه من أي نوع المغلطات هو فقلت له: من إيهام العكس، لما كان كل ذباب مصوتاً ظن أن كل مصوت ذباب، فاستحسن ذلك.

قلت: وحدثني مولاي العم الإمام شيخ الإسلام سيدي سعيد بن أحمد المقري رحمه الله تعالى، عن شيخه ابن جلال مفتي حضرتي فاس وتلمسان، أنه كان يحكي أن الغلط من عدم كلية كبرى في الشكل الأول، لأنه ركبه هكذا: هذا مصوت وكل مصوت ذباب، وقد علمت أنها هنا إنما تصدق جزئية لا كلية، وإذا كانت جزئية بطل الإنتاج، لأن ذلك من الضروب العقيمة؛ انتهى.

ومن (١) فوائد مولاي الجد رحمه الله تعالى أنه قال (٢) : سمعت شيخنا الآبلي يقول: ما في الأمة المحمدية أشعر من ابن الفارض.

وقال أيضاً رحمه الله تعالى (٣) : سمعت شيخنا الآبلي يقول: إنما أفسد العلم كثرة التواليف، وإنما أذهبه بنيان المدارس، وكان ينتصف له من المؤلفين والبانين وإنه لكما قال، غير أن في شرح ذلك طولاً، وذلك أن التأليف نسخ الرحلة التي هي أصل جمع العلم، فكلن الرجل ينفق فيها المال الكثير (٤) ، وقد لا يحصل له من العلم إلا النزر اليسير، لأن عنايته على قدر مشقته في طلبه، ثم صار يشتري أكبر ديوان بأبخس ثمن، فلا يقع منه أكثر من موقع ما عوض عنه، فلم يزل الأمر كذلك حتى نسي الأول بالآخر، وأفضى الأمر إلى ما يسخر منه الساخر؛ وأما البناء فلأنه يجذب الطلبة إلى ما يرتب فيه الجرايات (٥) ، فيقبل بها على من


(١) قبلها في ق: رجع.
(٢) انظر نيل الابتهاج: ٢٤٥.
(٣) نقل صاحب نيل الابتهاج هذا النص ص: ٢٣٥ - ٢٤٦.
(٤) نيل الابتهاج: مالا كثيراز
(٥) نيل الابتهاج: لما فيه من مرتب الجرايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>