للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحسن مثل هذا الشعر؛ فقال: إن ما تعرفت منه كون العميان كانوا في ذلك الزمان يقرؤن على المقابر، فإنني كنت أرى ذلك حديث العهد، فاستفدت التاريخ.

وقال مولاي الجد رحمه الله تعالى (١) : حدثني الآبلي أن أبا عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن أبي العيش الخزرجي الخطيب بتلمسان كان يقول في خطبته: من يطع الله ورسوله فقد رشد، بالكسر، وكان الطلبة ينكرون عليه ذلك، فلما ورد عليهم الراوية الرحلة أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري سمعه يقول ذلك، فأنكر عليه في جملتهم، وبلغ الخطيب ذلك، فلم يرجع، فلما قفل ابن رشيد من وجهته تلك دخل على الأستاذ أبي الحسن ابن البيع بسبتة، فهنأه بالقدوم، وقال له فيما قال: رشدت - يا ابن رشيد - ورشدت لغتان صحيحتان، حكاهما يعقوب في " الإصلاح " (٢) ، ثم قال مولاي الجد (٣) : قلت: هذه كرامة للرجلين أو للثلاثة.

وقال رحمه الله تعالى (٤) : قال طالب لشيخنا الآبلي يوماً: مفهوم اللقب صحيح أما أنا فلا أقول شيئاً، فعرف الطالب ما وقع فيه، فخجل.

وهذا الآبلي (٥) تقدم في كلام مولاي الجد رحمه الله تعالى أنه عالم الدنيا، وهو تلمساني كما تقدم، قال تلميذه أبو القاسم السلوي الفخار: دخل علي شيخنا الآبلي يوماً، وأنا أعجن طين الفخارة، فقال لي: ما علامة قبول هذه المادة أكمل صورة ترد عليها فقلت: أن تدفع عن نفسها ما هو من غير جنسها من حجر أو زبل أو غيره، فأدركه وجد عظيم، حتى إنه صاح وقام وقعد، وبقي هنية مطرقاً برأسه مفكراً، ثم قال: هكذا هي النفوس البشرية.


(١) ق: ومن فوائده رحمه الله، والقصة في نيل الابتهاج: ٢٥٢.
(٢) إصلاح المنطق: ٢١٣.
(٣) زاد في ق: قال الآبلي.
(٤) النص في نيل الابتهاج: ٢٤٥.
(٥) ق: ووصف الشيخ الآبلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>