للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشهد لذلك قول كثير فيه:

وليت فلم تشتم عليّا ولم تخف ... بريّا ولم تتبع مقالة مجرم

وهذا الشعر يدل على أن شتم علي قد كان لهم عادة حتى مدح من كف عنه. ولما ولى خالد بن عبد الله القسري مكة- وكان إذا خطب بها لعن عليا والحسن والحسين- قال عبيد الله بن كثير السهمي:

لعن الله من يسبّ عليّا ... وحسينا من سوقة وإمام

أيسبّ المطهّرون جدودا ... والكرام الأباء والأعمام

يأمن الطير والحمام ولا يأ ... من آل الرسول عند المقام

طبت بيتا وطاب أهلك أهلا ... أهل بيت النّبيّ والإسلام

رحمة الله والسلام عليهم ... كلّما قام قائم بسلام

وقام عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان- وكان ممن يتأله بزعمهم- إلى هشام بن عبد الملك وهو يخطب على المنبر بعرفة فقال: يا أمير المؤمنين، هذا يوم كانت الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب؟ فقال هشام: ليس لهذا جئنا. ألا ترى أن ذلك يدل على أنه قد كان لعنه فيهم فاشيا ظاهرا؟ وكان عبد الله بن الوليد هذا يلعن عليا ويقول: قتل جديّ جميعا الزبير وعثمان. وقال المغيرة وهو عامل معاوية يومئذ لصعصعة بن صوحان: قم فالعن عليّا؟ فقام فقال: إن أميركم هذا أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله- وهو يضمر المغيرة.

وأما عبد الملك فحسبك من جهله تبديل شرائع الدين والإسلام وهو يريد أن يلي أمور أصحابها بذلك الدين بعينه! وحسبك من جهله أنه رأى من أبلغ التدبير في منع بني هاشم الخلافة أن يلعن علي بن أبي طالب على منابره ويرمى بالفجور في مجالسه، وهذا قرة عين عدوه وعير عين وليه، وحسبك من جهله قيامه على منبر الخلافة قائلا إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف، ولا بالخليفة المداهن، ولا بالخليفة المأفون. وهؤلاء سلفه وأئمته، وبشفعتهم قام ذلك

<<  <   >  >>