الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فإن عقيدة التوحيد هي العقيدة التي بعث الله بها رسله، وأنزل بها كتبه من لدن آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان كل رسول يدعو قومه إلى التوحيد الخالص بأقرب الطرق وأيسرها على أفهام الناس، بحيث كان القوم كلهم يفهمون ما يريده رسولهم منهم بكل وضوح ويسر. حتى جاء آخر الرسل ونبي الإنسانية كافة محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه القرآن هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين، وداعيا إلى عقيدة التوحيد متبعًا في ذلك منهجًا خاصًّا يناسب جميع الناس ومختلف الفئات.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يفهمون هذه العقيدة من القرآن الكريم مباشرة، ومن النبي صلى الله عليه وسلم دون أن ينهجوا طرق الجدل العقيم الذي سلكته طوائف من بعدهم ودون أن يعرفوا شيئا من فلسفة اليونان.
فلما كانت حركة الترجمة للكتب اليونانية وترجمت كتب الفلاسفة وأبحاثهم في الإلهيات تأثر كثير من المدافعين عن عقيدة الإسلام ضد الزنادقة بالفلاسفة ظانين أن طرقهم الجدلية طرق صحيحة ولا يكون الانتصار على الخصم إلا بسلوكهم هذه الطرق، مما أدى إلى تعقيد مسائل العقيدة وخروجها عن طابعها السهل الواضح الذي تلقاه الصحابة من القرآن والسنة.