٤- ومن مميزات العقيدة الإسلامية أنها عقيدة مبرهنة،
بمعنى أنها تقيم البراهين الساطعة والحجج الباهرة على كل مسألة فيها، ولا تلزم الناس بالتسليم الأعمى كما في بعض العقائد الأخرى:"اعتقد وأنت أعمى" أو "أغمض عينيك ثم اتبعني"، بل كان القرآن الكريم يقيم الدليل على كل مسألة من مسائل العقيدة، ثم يطلب من خصومه إقامة الدليل على ما يعتقدون بقوله:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِين} ١. ولا يقول عالم مسلم بأن هذه العقيدة تكتفي بإثارة العواطف ومخاطبة القلب والوجدان، بل إنها تخاطب العقل بالحجج الدامغة، ثم تأخذ طريقها إلى القلوب والأفئدة؛ لأن العقل الصريح يوافق المنقول الصحيح.
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كتابًا اسمه:"درء تعارض العقل والنقل" وهو مشتهر باسم آخر وهو: "موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول"، وقد بين -رحمه الله- في هذا الكتاب أنه لا يوجد قط نص صحيح يخالف العقل، وإذا وجدت المخالفة، فإما أن تكون مخالفة ظاهرية وإمكانية الجمع بينهما حاصلة، وإما أن تكون المخالفة ناشئة عن علة في العقل، كأن يكون صاحبه من أهل البدع والأهواء، فيحاول أن يلوي النص ليوافق عقله؛ لأنه من الذين يقدمون العقل على النص، وإما أن تكون المخالفة من جهة أن نسبة النقل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- غير صحيحة.
إن القرآن الكريم يقيم الأدلة من الكون والنفس والتاريخ على ربوبية الله وألوهيته وكماله، ويقيم الأدلة على البعث كذلك بخلق الإنسان أول مرة, وخلق السموات والأرض, وإحياء الأرض بعد موتها، ولن تجد مسألة واحدة من مسائل العقيدة الإسلامية إلا وهي مبرهنة وفيها أدلة كافية لمن كان له قلب يفقه به ويتذكر، ولنضرب بعض الأمثلة:-