كل عقيدة يحملها الفرد وتدين بها الأمة سواء أكانت صحيحة أم باطلة لا يقتصر أثرها على الناحية الفكرية استقامةً وانحرافًا، هدًى وضلالًا، بل لا بد وأن يظهر أثر هذه العقائد في جوانب الحياة المختلفة، ومن هنا جاءت الضرورة للعقيدة السليمة؛ لأنها الغذاء الروحي والضروري لسير الفرد والمجتمع في مضمار التقدم والحضارة.
وبمقدار تمسك الأمة وأفرادها بالعقيدة السليمة، بمقدار ما يكتب لهذه الأمة البقاء بشخصيتها المستقلة دون الذوبان في الأمم الأخرى.
وليس هناك عقيدة تحرر الإنسان من الشرك والعبودية لغير الله، كالعقيدة الإسلامية؛ لأنها عقيدة تصدر عن الله أولًّا، ولأنها تسيطر على جميع مجالات الحياة وعلى النفس الإنسانية بقوة أكثر من قوة القانون وسلطته، وبتكاليف أقل من تكاليف تنفيذ القانون.
والقانون وحده ما لم يستند إلى العقيدة فإنه يعتبر فاقدًا للقوة الروحية التي ينشأ عنها احترامه، فهو لن يضبط السلوك الإنساني في كل وقت ومكان، لإمكانية التحايل عليه والهرب من العقاب.
والعقيدة سارية المفعول على الحاكم والمحكوم؛ لأنها مستندة إلى سلطان الله، وأما القانون المستند لسلطان الحاكم فلا يسري عليه؛ لأنه هو منفذ هذا القانون ويفسره كما يشاء.
والعقيدة تمتاز عن القانون كذلك بأنها تنبع من الداخل, وتمتزج بضمير الإنسان ولا تفرض عليه من خارجه كالقانون، فهي تحكم التصرفات الظاهرة