للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- مثل قلب الموحد وقلب المشرك, وهما مثلان

أ- ضرب الله سبحانه وتعالى مثلًا لقلب المؤمن الموحد بالبلد الطيب، ومثلًا لقلب المشرك الكافر بالبلد الخبيث فقال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} ١.

يبين سبحانه وتعالى في هذا المثل أن البلد الطيبة تربته، العذبة مشاربه، يخرج نباته إذا أنزل الله الغيث طيبًا ثمره في حينه ووقته، والبلد الذي خبث فتربته رديئة ومشاربه مالحة يخرج نباته بعسر وشدة، فعن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي قالوا: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، لأن قلب المؤمن لما دخله القرآن آمن به وثبت الإيمان فيه وفاض بالخير، وقلب الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه ولم يثبت فيه الإيمان ففاض بالنكد والشر والفساد٢.

وقد سمى الله في كتابه المؤمن بالطيب والكافر بالخبيث فقال تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ٣، فالخبيث في هذه الآية هم الكفار والطيب هم المؤمنون, كذا قاله السدي٤.

وقد ورد مثل هذا المثل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري في كتاب


١ سورة الأعراف آية ٥٨.
٢ انظر تفسير الطبري ٨/٢١١ وتفسير القرطبي ٧/٢٣١ وتفسير ابن كثير ٢/٢٢٢.
٣ سورة الأنفال آية ٣٧.
٤ انظر تفسير الطبري ٩/٣٤٦ وتفسير القرطبي ٧/٤٠١ وتفسير الكشاف ٢/١٥٧.

<<  <   >  >>