للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم, ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدي الله الذي أرسلت به".

وهذا الحديث يبين مثل قلب المؤمن ومثل قلب الكافر بما يوافق المثل القرآني الذي بيناه.

ب- وضرب الله سبحانه وتعالى مثلًا آخر للقلب الذي يريد أن يهديه وللقلب الذي يريد أن يضله فقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} ١.

يبين تعالى أن من أراد الله هدايته للإيمان به وبرسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند ربه ويوفقه لذلك، يفسح صدره للإيمان ويهونه ويسهله له بلطفه ومعرفته حتى يستنير الإيمان في قلبه فيضيء له, ويتلقاه صدره بالقبول. ومن أراد إضلاله عن سبيل الهدى يجعل صدره حرجًا بخذلانه وغلبة الكفر عليه, والحرج: أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذ إليه شيء من شدة ضيقه، وهو هنا القلب الذي لا يدخله الإيمان وهو في ذلك كالحرجة: وهي الشجرة الملتف بها الأشجار الكثيفة فلا يدخل إليها شيء لشدة التفاف الأشجار بها, وقوله تعالى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} : الصعود هو الطلوع إلى أعلى, فشبه الله تعالى الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة


١ سورة الأنعام آية ١٢٥.

<<  <   >  >>