للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النص القاطع على شطري هذه الحقيقة، فلم يكتفِ القرآن بالنهي الضمني المفهوم من الأمر الصريح على ما هو مقرر في علم الأصول من أن الأمر بالشيء نهى عن ضده الذي لا يجتمع معه, بل أتى بالنهي الصريح عن عبادة غير الله؛ لأن كثيرًا من الناس يعبدون الله ويعبدون معه غيره، فيقعون في الشرك ويحسبون أنهم مسلمون.

وقد وصف الله بالعبودية أخص أوليائه ورسله وأنبيائه فقال في وصف الملائكة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} ١، وقال عن نوح: {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُورا} ٢، وقال: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ} ٣، وقال عن عيسى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْه} ٤، فجعل صفته العظمى أنه عبد لا كما يدعي أعداؤه النصارى من وصفه بالإلهية، وقد وصف أكرم خلقه عليه وأعلاهم عنده منزلة بالعبودية في أشرف مقاماته في عدة مواضع من كتابه, فقال في مقام إنزال الكتاب: {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} ٥ وقال: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} ٦، وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَاب} ٧، وقال في مقام الدعوة إلى الله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوه} ٨، وقال في مقام الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِه} ٩، وآيات كثيرة تبين أن الله وصف رسله في أشرف مقاماتهم بالعبودية وخاصة صفوتهم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أمره ربه بالعبادة حتى يأتيه الأجل, قال


١ سورة الأنبياء آية ٢٦.
٢ سورة الإسراء ٣.
٣ سورة ص آية ١٧.
٤ سورة الزخرف آية ٥٩.
٥ سورة البقرة آية ٢٣.
٦ سورة الفرقان آية ١.
٧ سورة الكهف آية ١.
٨ سورة الجن آية ١٩.
٩ سورة الإسراء آية ١.

<<  <   >  >>