للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما بعثوا لتعبيد الخلق لإلههم ومعبودهم الحق ونبذ كل ما يعبد من دونه من الآلهة المزعومة١.

وفي هذا النوع من التوحيد -توحيد الألوهية- وقع النزاع بين الرسل وأممهم حيث أنكر المشركون الدعوة لتوحيد الإله المعبود بقولهم: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ٢، ولهذا كان سياق الآيات الدالة على الربوبية يأتي بالاستفهام التقريري لأنهم مقرون بالرب كقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ٤، وقوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} ٥.

ويتضح هذا المعنى تمامًا إذا علمنا أن مبدأ انحراف البشرية عن حقيقة التوحيد لم يكن شركًا في الربوبية إنما كان شركًا في الألوهية، وهكذا كل انحراف خلال التاريخ البشري إنما كان عن طريق الانحراف في العبادة، قال تعالى عن قوم نوح عليه السلام: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} ٦. وهي أسماء رجال صالحين ماتوا فصورهم قومهم ثم جاء مَن بعدهم فعبدوهم٧. وكذا شرك كل قوم كان مبدؤه من عبادة غير الله، كذلك العرب


١ انظر الفتاوى ١٦/٣٣٢ ومدارج السالكين ٣/٤٤٣ ومفتاح دار السعادة ١/٢١٢، وانظر تطهير الاعتقاد للصنعاني ص٦.
٢ سورة ص آية ٥.
٣ سورة النحل آية ١٧.
٤ سورة لقمان آية ١١.
٥ سورة فاطر آية ٣.
٦ سورة نوح آية ٢٣.
٧ انظر إغاثة اللهفان ٢/٢٠٩ وفتح الباري ٨/٦٦٧ كتاب التفسير.

<<  <   >  >>