للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الآيات الكونية بدئت بالنص على الوحدانية, ثم نبه تعالى عباده على تفرده بالألوهية بخلق السموات والأرض وما بينهما؛ لأن من نظر إلى السماء في ارتفاعها وسعتها وإلى الأرض واستقرارها أداه لتوحيد الله وعبادته؛ لأن في خلق السماوات والأرض دلالات واضحة لقوم يعقلون عن الله حججه وأدلته على وحدانيته١.

قال الطبري: "وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره أهل الشرك به على ضلالهم ودعاء منه لهم إلى الأوبة من كفرهم والإنابة من شركهم, ثم عرفهم تعالى ذكره بالآية التي تتلوها موضع استدلال ذوي الألباب منهم على حقيقة ما نبههم عليه من توحيده وحججه الواضحة القاطعة عذرهم, فقال تعالى ذكره: أيها المشركون, إن جهلتم أو شككتم في حقيقة ما أخبرتكم من الخبر من أن إلهكم إله واحد دون ما تدعون ألوهيته من الأنداد والأوثان، فتدبروا حججي وفكروا فيها, فإن من حججي خلق السماوات والأرض"٢. انتهى بلفظه.

٣- قال تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} ٣، وقال تعالى: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ٤، وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ٥، ففي هذه الآيات نبه سبحانه وتعالى إلى وقوف السماء بغير عمد، وأن الله ممسكها بقدرته وعظيم سلطانه, وجعلها من البعد بحيث لا تنال, وسمكها في نفسها


١ انظر تفسير ابن كثير ١/٢٠١ وتفسير الطبري ٢/٦١.
٢ تفسير الطبري ٢/٦١.
٣ سورة الحج آية ٦٥.
٤ سورة لقمان آية ١٠.
٥ سورة الرعد آية ٢.

<<  <   >  >>