للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا تنبيه من الله تعالى لعباده على آية السحاب الحامل للماء الكثير, حيث ينزل الله منه الأمطار بالحكمة البالغة بحيث لا تختلط قطرة بأخرى، ثم انظر كيف تعم الأمطار الأرض سهولها ووعورها وشعابها لينبت العشب للأنعام وسائر الهوام ويسقي المزروعات وتنبت الأشجار ويمد البحار والأنهار والآبار، وما يزيد منه يودعه الله في الأرض ليستخرجه الناس وقت الحاجة إليه.

يقول ابن القيم: "فتأمل كيف يسوقه سبحانه رزقًا للعباد والدواب والطير والذر والنمل, يسوقه رزقًا للحيوان الفلاني في الأرض الفلانية بجانب الجبل الفلاني فيصل إليه على شدة الحاجة والعطش, وفي الوقت كذا وكذا ثم كيف أودعه في الأرض فأخرج به أنواع الأغذية والأدوية والأقوات"١.

٣- يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} ٢.

في هذه الآية نبهنا الله تعالى إلى أنه هو وحده الذي يشق الحب والنوى في الثرى, فتنبت منه الزروع والثمار على اختلاف ألوانها وأشكالها وطعومها، ثم قال مشيرًا إلى وحدانيته تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} : أي فاعل ذلك هو الله وحده لا شريك, فكيف تصرفون عن الحق وتعدلون عنه إلى الباطل بعبادتكم غير الله تعالى.

يقول الطبري: "وهذا تنبيه من الله جل ثناؤه هؤلاء العادلين به الآلهة والأوثان على موضع حجته عليهم وتعريف منه لهم خطأ ما هم عليه مقيمون من إشراك الأصنام في عبادتهم إياهم, يقول تعالى ذكره: إن الذي


١ مفتاح دار السعادة ١/٢٠٢ وانظر تفسير ابن كثير ٣/٢٩٧.
٢ سورة الأنعام آية ٩٥.

<<  <   >  >>