للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو مخلوق له مقهور بقدرته من آدمي وغيره مع تباين الأوصاف, وأن الله لا يمكن أن يشبهه شيء من خلقه ولا يمكن لعاقل أن يمثل به غيره..

والمثل الثاني كذلك مضروب لله ولما يعبد من دونه، وهي أصنام لا تسمع ولا تنطق؛ لأنها إما من خشب أو نحاس أو حجر وغيره، ولا تجلب خيرًا ولا تدفع شرًّا، ثم هي عيال على عابديها تحتاج لمن يحملها ويخدمها كالأبكم من الناس الذي لا يقدر على شيء فهو كَلٌّ على أوليائه من بني أعمامه وغيرهم وحيثما وجهوه لا يأتِ بخير؛ لأنه لا يفهم ولا يُفهم عنه، وهكذا الصنم لا يعقل ما يقال له، ولا ينطق فيأمر وينهى، فهل يستوي هذا الأبكم بصفاته السابقة ومن هو ناطق متكلم يأمر بالحق ويدعو إليه؟ فإذا كانا لا يستويان فكذلك لا يستوي الصنم مع الله الواحد القهار الداعي عباده إلى توحيده وطاعته، فهذا مثل إله الباطل وإله الحق, وبه قال قتادة ومجاهد١، وكذلك قال به ابن القيم، وبين أن هذين المثلين أوضح عند المخاطبين وأعظم في إقامة الحجة عليهم وأظهر في بطلان الشرك٢.


١ انظر تفسير الطبري ١٤/١٥٠ وتفسير القرطبي ١٤/١٤٩ والكشاف ٢/٤٢١.
٢ انظر إعلام الموقعين ١/١٦١- ١٦٢.

<<  <   >  >>