للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل هذا التعريف بالإله الحق لا يزيد فرعون وملأه إلا استكبارًا في الأرض فاتهموا موسى بالسحر والجنون, وجمع له السحرة فغلبهم فآمنوا، فقتلهم فرعون فأمسوا شهداء في سبيل عقيدة التوحيد قائلين لفرعون: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ١.

وكان من تمادي فرعون وطغيانه وتكبره على دعوة التوحيد أن قال لهامان وزيره ما حكاه الله تعالى عنه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِين، وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ} ٢.

وقد أرسل الله على آل فرعون آيات شاهدات بوحدانية الله ومؤيدات لرسوله موسى عليه السلام وهي الطوفان والجراد القمل والضفادع والدم, وعند نزول كل بلاء بهم كانوا يطلبون من موسى أن يدعو ربه لكشف ذلك عنهم حتى يؤمنوا ولم يذهبوا لفرعون لكشف ذلك لعلمهم أنه عاجز عن ذلك: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} ٣. لكنهم بعد كشف العذاب عنهم في كل مرة يرجعون لكفرهم بالله مع تيقنهم أن موسى على الحق وأن هذه الآيات شاهدة بصدقه, كما قال تعالى عنهم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} ٤، وقال تعالى عن قول موسى لفرعون: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} ٥.


١ سورة طه آية ٧٢ - ٧٣.
٢ سورة القصص آية ٣٨ - ٣٩.
٣ سورة الأعراف ١٣٤.
٤ سورة النمل آية ١٤.
٥ سورة الإسراء آية ١٠٢.

<<  <   >  >>