للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاجة لخلف بعده، وعليه فمن نسب لله تعالى الولد فهو كاذب مفترٍ عليه، ليس عنده حجة على ذلك١.

وهؤلاء الجن الذين آمنوا بينوا أن سفيههم -وهو إبليس- قال قولًا جائرًا وباطلًا بنسبة الولد إلى الله تعالى، ويحتمل أن يراد بقولهم: "سفيهنا" اسم جنس لكل من زعم أن لله صاحبة وولدًا، وقد نفى الجن الولد عن الله بعد أن نفوا عنه الصاحبة؛ لأن الولد لا يكون إلا منها, والله ليس له صاحبة لأنها لو كانت لكانت من جنسه والله ليس كمثله شيء، وبناء عليه فليس له ولد٢ كما قال تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} ٣، فكلامهم فيه نفي الصاحبة والولد عن الله وبيان أن ادعاء ذلك لله كذب وشطط من القول، قال تعالى عنهم: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً, وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} ٤، يقول الطبري في تفسير هاتين الآيتين: "فقال النفر من الجن علا ملك ربنا وسلطانه ومقدرته وعظمته أن يكون ضعيفًا ضعف خلقه الذين تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ الصاحبة أو وقاع شيء يكون منه ولد"٥.

ب- الفرع الثاني: نفي البنت عن الله:

يعتمد هذا النفي على دليل المثل الأعلى، ومحله الآيات الدالة على أن الله تعالى له المثل الأعلى، والمعنى أن كل صفة كمال فالخالق أولى بالاتصاف بها، وكل صفة


١ انظر تفسير الطبري ١١/١٤٠ و١٥/١٩٣ وتفسير ابن كثير ٢/٤٢٤ و٣/٧١ والكشاف ٢/٢٤٤.
٢ انظر تفسير الطبري ٢٩/١٠٥ وتفسير ابن كثير ٤/٤٢٨ وتفسير الكشاف ٢/٤١ و٣/٣٨٧.
٣ سورة الإنعام آية ١٠١.
٤ سورة الجن آية ٣-٤.
٥ تفسير الطبري ٢٩/١٠٥ وانظر ١٦/١٣١ و١٧/١٠.

<<  <   >  >>