للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزعمهم أن الملائكة بنات الله كفر، وفيه تمثيل لله بخلقه وتفضيل لأنفسهم على الله تعالى، وعبادتهم للملائكة من دون الله محتجين على ذلك بأن الله لو شاء لمنعهم من العبادة، فلما لم يمنعهم دل ذلك على رضاه بذلك -حسب زعمهم- هذه العبادة كذلك كفر وكذب، وكل واحدة من هذه الآراء الكافرة الكاذبة توجب الخلود في النار لصاحبها إذا مات وهو معتقد لها١.

ويوجه الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يسألهم على سبيل الإنكار عليهم {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمْ الْبَنُون} ، ويقول تعالى منكرًا عليهم: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا} ، {أصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِين} {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى, تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} ، فيا أيها الجاعلون البناتِ لله ولكم الذكور، قسمتكم هذه ظالمة وجائرة، وناقصة غير تامة؛ لأنكم قسمتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم وآثرتم أنفسكم بما ترضون، ثم كيف حكمتم بأنوثة الملائكة؟ هل أنتم شهدتم خلقهم؟ ستسألون يوم القيامة عن هذا الافتراء العظيم.

ثم أي شيء حمله تعالى على أن يختار البنات على البنين؟ أليس لكم عقول تفكرون بها؟ أي حجة لكم على دعواكم؟ هاتوا برهانًا مستندًا لأي كتاب منزل من عند الله على صحة ما تقولون، إنكم لن تجدوا دليلًا على قولكم؛ لأن قولكم هذا لا يستند إلى شرع ولا عقل وليس عندكم علم صحيح على ما قلتم, وأقوالكم هذه كذب وافتراء وكفر شنيع، وكلها صادرة عن ظن ووهم لا عن حقيقة وعلم, وأنى للظن أن يغني من الحق شيئًا٢.


١ انظر تفسير ابن كثير ٤/٢٢ وص١٣٥ والكشاف ٣/١٥٤.
٢ انظر تفسير الطبري ٢٣/١٠٥ و٢٧/٦٠ وتفسير ابن كثير ٤/٢٣ وص٢٥٥ وتفسير الكشاف ٣/٣٥٤.

<<  <   >  >>