للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتمنون من شفاعتها لهم، ولكن يجدوا منها العداء والتبرؤ، ويأمر الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتهكم بهم وبما ادعوه من شفاعتها؛ لأن ذلك محال غير واقع إذ كيف يزعمون شفاعتها والله يخير أنها لا تشفع؟ يقول تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ١، والمعنى: أتنبئون الله بشفعاء لا يعلمهم في السماء والأرض وهو العالم بما فيهما المحيط علمه بكل شيء؟ إن عليكم إخلاص العبادة لله وحده وإفراده بالألوهية؛ لأنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه تعالى، وهذا وارد في قوله تعالى: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ٢، فبهذا الاستثناء نفى سبحانه الشفاعة عن الأصنام وأثبتها لمن عُبد من دون الله من الموحدين كالمسيح وعزير والملائكة، إذا أراد الله ذلك، لأنهم ممن شهد بالحق ووحدانية الله تعالى٣.

وبما أن الأصنام لا تملك الشفاعة في الآخرة فموقفها من عبادها سيكون موقف التبرؤ والعداء والتنكر لعبادتهم إياها، يقول تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ, قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا, فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا} ٤، ويقول تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ, قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ, وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوْا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ} ٥، وقال


١ سورة يونس آية ١٨.
٢ سورة الزخرف آية ٨٦.
٣ انظر تفسير الطبري ٢٥/١٠٤و١١/٩٨ و٢١/٩١ والكشاف ٢/٢٣٠.
٤ سورة الفرقان آية ١٧-١٩.
٥ سورة القصص آية ٦٢-٦٤.

<<  <   >  >>