للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أبو المعالي الجويني يقول: لقد جُلْتُ أهلَ الإسلام جولة وعلومهم وركبت البحر الأعظم وغصت في الذي نهوا عنه, كل ذلك في طلب الحق وهربًا من التقليد, والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق, عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره فأموت على دين العجائز ويختم عاقبة أمري عند الرحيل بكلمة الإخلاص, فالويل لابن الجويني"١.

وهذا الشَهْرستاني ينشد:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيّرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعًا كف حائر ... على ذقن أو قارعًا سن نادم٢

ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي:

فيك يا أغلوطة الفكر ... حار أمري وانقضى عمري

سافرت فيك العقول فما ... ربحت إلا أذى السفر

فلحى الله الأولى زعموا ... أنك المعروف بالنظر٣

وهذا أبو عبد الله الرازي يصرح بأن علم الذات عليه عقدة وهي: هل الوجود هو الماهية أو زائد عليها؟ وعلم الصفات عليه عقيدة وهي: هل الصفات زائدة على الذات أم لا؟ وعلم الأفعال عليه عقدة وهي: هل الفعل مقارن للذات أو متأخر عنها؟ واعترف أن أحدًا لم يصل إلى هذا الباب ولم يذق من هذا الشراب وأنشد:

نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذًى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

ثم قال: "لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلًا ولا تَروي غليلًا ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات {الرَّحْمَنُ عَلَى


١ تلبيس إبليس ص٨٢.
٢ موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول ١/٩٢.

<<  <   >  >>