للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم بين اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية وأن ملك الأرض ومن فيها السماء والملكوت كله لله، وختمها ببيان وحدانيته تعالى, إذ لو كان معه إله آخر يستحق العبادة لكان الدمار لازمًا لهذا الكون بما فيه.

ومثال آخر من سورة العنكبوت من قوله تعالى: {وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} ١.

في هذه الآيات بيّن تعالى وحدانيته مشيرًا إلى دليل الرزق, ثم ذكر اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية وأنه وحده الذي ينزل المطر من السماء الذي به حياة المخلوقات جميعًا، ثم ذكر دليل النوائب الدال على توحيد المشركين لله عند وجود الخطر ثم ذكرهم بنعمة الأمن.

ومثال آخر من سورة الزخرف من قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} إلى قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ٢.

فبدأ سبحانه بذكر اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية ثم نبه على خلق الأرض ممهدة وجعل الطرق فيها، وإنزال الماء من السماء، وخلق الأزواج كلها، ثم ذكر نعمة الفلك والأنعام، وذم الذين زعموا له البنات على كرههن لهن، ثم ذكر قصة إبراهيم وبراءته من قومه ومما يعبدون من دون الله، وتمسكه بكلمة التوحيد..

هذه بضعة أمثلة -وهي قليل من كثير- تبين طريقة القرآن في ذكر عدد من الأدلة في الآية أو في المقطع الواحد من الآيات، وبحيث تؤكد كلها مدلولًا واحدًا هو وحدانية الله تعالى ووجوب إفراده بالعبادة.


١ سورة العنكبوت آية ٦٠-٦٧.
٢ سورة الزخرف آية ٩-٢٨.

<<  <   >  >>