للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما سمعوا اللهم جرت في كلام الخلق توهموا أنه إذا ألقيت الألف واللام من لفظ الجلالة كان الباقي "لاه" فقالوا: لاهمّ وأنشدوا:

لاهمَّ أنت تجبر الكسيرا ... أنت وهبت جلة جُرجُورا

واستدل أبو الهيثم بأن أصل لفظ الجلالة "إلاه" بقوله تعالى:

{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} ١.

وأما بالنسبة لتفخيم لفظ الجلالة "الله" فقد ذكر الزمخشري عن الزجاج أن العرب كلهم على ذلك، واطباقهم عليه دليل على أنهم ورثوه كابرًا عن كابر٢.

وقيل بأن أصل الكلمة "لاه" وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم فصار "الله" ومنه قول الشاعر:

لاهِ ابنُ عمك لا أفضلت في حسبٍ ... عني ولا أنت دياني فتخزوني

أي تسوسني٣.

وقد رد ابن القيم رحمه الله على القائلين بأن لفظ الجلالة جامد غير مشتق وليس له أصل في اللغة، فبين أنه ليس مراد القائلين بالاشتقاق أن هناك مادة لغوية تسبق هذا الاسم فاشتق منها؛ لأن اسم الله تعالى قديم وليس مستمدًا من أصل آخر، ومن اعتقد هذا منهم فاعتقاده باطل، والحق أنهم لم يريدوا هذا المعنى ولا

ألمّ بقلوبهم، وإنما أرداوا أنه دال على صفة له تعالى وهي صفة الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير، فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها


١ سورة المؤمنون آية ٩١.
٢ تفسير الكشاف ١/٤٠.
٣ تفسير القرطبي ١/١٠٢.

<<  <   >  >>