للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه وتعالى تتحير الألباب والفكر في حقائق صفاته ومعرفته، وعلى هذا فأصل كلمة إله: ولاه وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح وإسادة ووسادة، فأصل الكلمة منتظمة معنى التحير والدهشة، ويقال ألهت على فلان، واشتد جزعي عليه مثل ولهت١، وقد أنكر أبو الحسين ابن فارس هذا المعنى واعتبر أن قولهم في التحير أله يأله ليس من الباب لأن الهمزة واو، وعنده أن الشمس تسمى الإلاهة لأن قوما كانوا يعبدونها ومنه قول شاعرهم:

فبادرنا الإلاهة أن تؤوبا٢

٣- وقال بعضهم أن لفظ الجلالة مأخوذ من أله يأله إلى كذا: أي لجأ إليه فيقال: أله الرجل إلى الرجل: إذا فزع إليه من أمر نزل به فألهه أي أجاره، وروي عن الضحاك أنه قال: إنما سمي الله إلها لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم ويتضرعون إليه عند شدائدهم، وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه "بنصب اللام" ويألهون أيضًا "بكسرها" وهما لغتان٣.

فيكون معنى لفظ الجلالة على هذا الإشتقاق هو من يفزع إليه في النوائب لأنه المجير لجميع الخلائق من كل المضار كما قال تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْه} ٤، وهو وحده المنعم بجميع النعم كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} ٥، وقوله


١ انظر لسان العرب١٣/٣٦٧ والقرطبي ١/١٠٣ وابن كثير ١/١٩.
٢ انظر معجم مقاييس اللغة ١/١٢٧.
٣ انظر تفسير القرطبي ١/١٠٣ وتفسير ابن كثير ١/١٩ والمخطوط السابقة ص٥.
٤ سورة المؤمنون آية ٨٨.
٥ سورة النحل آية ٥٣.

<<  <   >  >>