منه على آراء الفراء النحوية واللغوية هو كتابه "معاني القرآن" وهو أهم كتبه التي وصلت إلينا. وليس كتاب "معاني القرآن" في التفسير بالمعنى المباشر بل هو كتاب في اللغة اتخذ القرآن الكريم موضوعًا له، وقد وصلت إلينا ثلاثة كتب أخرى للفراء تناولت موضوعات لغوية، وهي "المذكر المؤنث" و"المنقوص والممدود" و"الأيام والليالي والشهور".
وثالث النحويين الكوفيين المبرزين هو ثعلب، ت ٢٩١ هـ، وكثيرًا ما كان أبو العباس ثعلب بين معاصريه موضع مقارنة مع أبي العباس المبرد، كان المبرد كبير نحاة البصرة بينما كان ثعلب أكبر نحوي كوفي في نفس الفترة وقد وصلت إلينا عدة كتب لثعلب أهمها كتاب "الفصيح"، وهو كتاب في المفردات، ولكن آراءه النحوية واللغوية موجودة أيضا في كتاب مجالس ثعلب.
وهناك علماء كثيرون تذكرهم كتب الطبقات، وكان جهدهم في علوم اللغة مقصورًا على جمع المفردات، وتحديد أبنيتها الصرفية، وتصنيفها وتدوين الملاحظات عليها، ومن هؤلاء أبو عمرو الشيباني صاحب كتاب "الجيم"، وهو معجم لغوي، وأبو عبيد القاسم بن سلام مؤلف "الغريب المصنف" وهو كتاب في المفردات، وابن السكيت مؤلف "إصلاح المنطق" وهو كتاب في التثقيف اللغوي، وكل هذا يشير إلى أن جهد العلماء الكوفيين كاد ينصرف إلى بحث المفردات وتصنيفها، ولم يكن اهتمامهم ببنية اللغة إلا اهتمامًا ثانويًّا لا يرقى إلى مستوى المدرسة البصرية، ولذا فقد سادت آراء البصريين في النحو العربي وحدها دون غيرها في القرون التالية، وأصبح المنهج النحوي وتعليم النحو يقوم -في المقام الأول- على آراء البصريين.