المصادر القديمة التي تمدنا ببعض الظواهر اللغوية في اللهجات العربية القديمة تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين, أولاهما: كتب النحو, الثانية: كتب اللغة والمعاجم. ومعظم المادة التي جاءت في كتب النحو واللغة إنما جمعت من لهجات البادية في القرنين الأول والثاني. حاول اللغويون الذين جمعوا هذه المادة النظر بمعيار الخطأ والصواب إلى كل الظواهر اللغوية التي عرفها عصرهم, ولذا رفضوا أخذ اللغة عن القبائل التي عاشت في مناطق متاخمة للحضر في بادية الشام أو العراق, كما نظروا إلى اللهجات العربية في الجنوب بعين الشك، ولم يأخذوا اللغة عنها. لم يحاولوا جمع الظواهر بهدف بحثها بحثًا شاملا ينسب لكل قبيلة كل ما عندها من ظواهر, وإنما قصروا همهم على تسجيل بعض الظواهر التي لفتت نظرهم عند بعض القبائل. ومن هنا نستطيع أن نقول أن كتب النحو واللغة لم تقدم لنا إلا قطاعًا صغيرًا محدودًا من الحياة اللغوية حتى القرن الثاني للهجرة, وهذا القطاع هو بعض لهجات البدو.
أخذ النحاة واللغويون اللغة عن بعض قبائل شبه جزيرة العرب, واستبعدوا عددًا كبيرًا من القبائل التي اختلطت في حياتها بغير العرب, واستبعدوا كذلك اللهجات الناشئة في الأمصار المفتوحة, كما رفضوا أخذ اللغة عن القبائل الجنوبية, والناظر في كتب النحو واللغة يلاحظ أن أكثر المادة التي جاءت بها