قامت حركة التأليف في المعاجم العربية على أساس المادة التي جمعها اللغويون في البادية في القرن الثاني الهجري. لقد خرج عدد كبير من اللغويين إلى البادية. وأخذ كل منهم يجمع اللغة من أبناء القبائل العربية، وبذلك تم إنجاز أول عمل لغوي ميداني في الجزيرة العربية. ولاحظ كثير من البدو اهتمام اللغويين بتلقي اللغة عنهم، فهاجروا إلى جنوب العراق حيث ازدهرت علوم اللغة في البصرة والكوفة، وأخذوا يبيعون المادة اللغوية التي عندهم لكل من ينشدها من اللغويين. ولم تكن عملية جمع اللغة شاملة لتسجيل كل الألفاظ التي عرفتها القبائل العربية، بل كان اللغويون يصدرون في اختيارهم للقبائل واختيارهم للرواة عن مبدأ أساسي هو تسجيل اللغة الفصحى والابتعاد عن الصيغ والألفاظ غير الفصحى. وبهذا المعيار ركز اللغويون عملهم على لغة تلك القبائل التي تقترب كل الاقتراب من العربية الفصحى، ورفضوا لهجات القبائل البعيدة عن الفحصى، وبين هذا وذلك صنفت لهجات القبائل المختلفة.