للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصحى واللهجات]

يوجد في أكثر الجماعات اللغوية في العالم أكثر من مستوى لغوي واحد يشارك الفرد في كل مستوى منها وفق المواقف الكلامية التي يعيشها. فالمواقف الكلامية في مجال الحياة اليومية تختلف عنها في المجالات الثقافية أو مجالات السياسة. قد يكون هذا الاختلاف في إطار اللغة الواحدة كما هي حال المثقفين من أبناء اللغة الألمانية أو الفرنسية أو الإنجليزية في تعاملهم بلغاتهم. وقد يكون الاختلاف أكثر من ذلك، في إطار اللغة الواحدة عندما تستخدم اللهجة العامية والفصحى جنبا إلى جنب. وتوجد أشكال مختلفة من الازدواج اللغوي١. ويحدد الاستخدام اللغوي الوظيفة التي يقوم بها كل مستوى لغوي. وليست هناك سمات في البنية اللغوية من النواحي الصوتية أو الصرفية أو النحوية أو الدلالية تفرض كون أحد المسوتيات هي الفصحى والآخر هو العامية، فكلاهما ينطبق عليه تعريف اللغة باعتبارها نظامًا من الرموز الصوتية، ولكن أبناء الجماعة اللغوية يقفون من الفصحى موقفًا غير موقفهم من العامية. فالفصحى تحترم اجتماعيًّا وتحترم قواعدها عند المثقفين، كما تدعم النماذج الأدبية والكتب الثقافية والعلمية مكانة الفصحى. ويؤدي هذا في حالات كثيرة إلى أن جعل استخدامها موحدًا -أو يكاد يكون موحدًا- عند كل أبنائها، حتى وإن كانوا منفصلين جغرافيًّا واجتماعيًّا عن بعضهم البعض، فيظل الاختلاف الإقليمي في استخدام الفصحى داخل العرف النحوي والمعجمي للغة، ولكن العامية تعد في رأي مستخدميها غير مقننة من الناحية النحوية، على الرغم من أن لكل لهجة قوانينها الخاصة بها. ولا يقف أبناء الجماعة اللغوية من العامية موقف الاحترام، ولذا لا تستخدم العامية في الكتابة الرسمية ولا في المجالات الثقافية والعلمية تاركة ذلك للغة الفحصى.


١ يطلق الازدواج اللغوي Diglossia على وجود مستويين لغويين في بيئة لغوية واحدة، أما الثنائية اللغوية عند الفرد الواحد فتسمى bilingualism. ومن أهم الدراسات اللغوية حول الازدواج اللغوي: Ch. Ferguson, Diglossia
ونشر عدة مرات منها:
P.P Giglioli, Language and Social context "penguin books" ١٩٧٢, p.٢٣٢

<<  <   >  >>