المختلفة في النظام اللغوي في كل حالة على حدة ترتيبًا محددًا، فلكل رمز صوتي وظيفته في الكلمة، ولكل كلمة وظيفتها في العبارة أو الجملة، وينبغي الالتزام بالنسق المتفق عليه في البيئة اللغوية الواحدة، وإلا فقد الرمز قدرته على النقل والإيحاء. وهذا النسق اللغوي يتضمن ترتيب الأصوات داخل الكلمة وترتيب الكلمات داخل الجملة.
وهنا تكون مهمة الباحث في اللغة أن يتبين طبيعة هذه الرموز الصوتية والأنساق المختلفة التي تتخذها لتكون الكلمات ثم عليه أن يتبين أيضا الأنماط المختلفة لترتيب هذه الكلمات لتكوّن الجمل المختلفة.
اللغة ظاهرة غير مادية، شأنها في هذا شأن العرف والعادات. وهناك فرق أساسي بين بحث الظواهر المادية في مجتمع ما وبحث الظواهر غير المادية في نفس المجتمع. ويكمن استيعاب الظواهر المادية مثل أشكال السكن والملابس وأدوات العمل بوصف هذه الأشياء وصفًا مباشرًا، ولكن دارس الظواهر غير المادية يواجه مجموع العناصر غير المرئية وقد تداخلت جزئياتها تداخلا كاملا وهذا شأن عالِم اللغة في بحثه للغة وعالِم الاجتماع في بحثه للعرف مثلا. كلاهما مطالب بملاحظة آلاف الجزئيات المكونة للنظام اللغوي أو النظام العرفي وأن يتبين هذه الجزئيات وأن يصنفها تصنيفًا واضحًا، وأن يبلور العلاقات الكامنة بين هذه الجزئيات المتكاملة. فالباحث في اللغة يلاحظ، ثم يسجل، ثم يصنف، ثم يبلور ليكشف بنية اللغة التي يدرسها.