للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغات السامية١ واستطاع روسلر أن يفسر كثيرًا من الجوانب الصوتية والصرفية والمعجمية في اللغة النوميدية القديمة باعتبارها تغيرات حدثت فيها بعد انفصالها عن الأصل القديم المشترك. لاحظ روسلر عدم وجود أصوات حلق في اللغة النوميدية. لكنه فسر هذا باعتبار أن النوميدية عرفت أصوات الحلق قديما بدليل وجودها في اللغة الصومالية التي تمت بصلة القرابة مباشرة للغة الليبية القديمة. فوجود أصوات الحلق في الصومالية دليل على أنها كانت موجودة في اللغة النوميدية في أقدم مراحلها. وقد أوضح روسلر اشتقاق كثير من الكلمات النوميدية على أساس المقارنة باللغات السامية في المشرق، فكلمة "بُِن" بكسر الباء أو ضمها تعني في النوميدية واللغات البربرية التي تطورت عنها ما يعبر عنه في اللغات السامية بالمشرقية بكلمة "بيت" ومعنى هذا أن اللغة النوميدية اشتقت من المادة اللغوية الخاصة بالبناء كلمة تدل على البيت، بينما اشتقت اللغات السامية المشرقية من نفس المادة اللغوية كلمات تدل على الاتصال الجنسي بالمرأة والإنجاب منها، ونجد كلا المعنيين في المادة العربية "بنى": بنى البيت، بنى بالمرأة، فكأن الفعل العربي "بنى" ضم المعنيين: بناء البيت، والبناء بالمرأة أي الدخول بها والإنجاب، أما الكلمة العربية "بيت" فترتبط بالفعل "بات" أي قضى الليل، أي أنها من مادة لغوية مخالفة، وتثبت المواد اللغوية النوميدية التي بحثها روسلر أن اللغة النوميدية لغة سامية قديمة، ولكنها خضعت لمؤثرات إفريقية جعلتها تتخذ طابعها الخاص المتميز.

وهكذا أوضحت الأبحاث حول اللغات السامية بالمعنى الضيق، واللغة المصرية القديمة، واللغة النوميدية أو الليبية القديمة أوجه الشبه بين كل هذه


١ انظر كذلك بحث روسلر Rossleer عن الطابع السامي للغة الليبية:
Der Semitische Charakter der Iibyschen sprache.
المنشور في: Zeitschrift fur Assyriologie العدد ٥٠.
كذلك البحث التالي: Libysh- Hamitisch - Semitich
المنشور في: Oriens Vol ١٧, ١٩٦٤, S. ١٩٩-٢١٦.

<<  <   >  >>