للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-وهو يهودي أندلسي- مقامات الحريري، والتزم في الترجمة بالجوانب البيانية والبديعية التي اتسمت بها المقامات في نصها العربي، ثم حاول الحريزي بعد ذلك أن يؤلف مقامات عبرية فألفها محاكيا المقامات العربية، فالتراث العبري الأندلسي هو تراث باللغة العبرية ألفه اليهود في إطار الثقافة العربية الإسلامية.

أما العبرية الحديثة التي يطلق عليها Evrit فهي اللغة الرسمية الأولى في إسرائيل وتعد العبرية الحديثة محاولة من اليهود الأوربيين لبعث لغة سامية إلى الحياة المعاصرة١. فاليهود الأوربيون هم أصحاب المكانة الأولى في إسرائيل لأنهم أرقى حضاريا واجتماعيا ولأنهم هم أصحاب الفكرة الصهيونية التي تقوم عليها الدولة. وقد كان لهؤلاء الأوربيين أثر بعيد في تكوين الإطار اللغوي الجديد للعبرية، فمن الناحية الصوتية تأثرت العبرية الحديثة باللغات الأوربية، فخف النطق بأصوات الحلق وأصوات الإطباق لأنها غير موجودة في اللغات الأوربية، ولم تعد الصاد تنطق مثل الصاد العربية، بل تأثرت بنطق صوت Z في الألمانية ويرجع هذا التأثير الألماني إلى أن لغة البيدش -التي كان يهود وسط وشرق أوربا يتعاملون بها قبل إحياء اللغة العبرية- هي عبارة عن لهجة ألمانية، وقد أصبح العارفون بلغة البيدش أصحاب مكانة في الدولة الصهيونية، ولكنهم رفضوا جعل لغة البيدش اللغة الرسمية، لأن انتماءهم إلى العبرية يربطهم بتاريخهم القديم ولا يفصلهم عاطفيا عن يهود المشرق، وقد دخلت إلى العبرية الحديثة ألفاظ كثيرة من اللغات الأوربية. ولعل مقارنة بين الألفاظ الأوربية الكثيرة الدخيلة في العبرية الحديثة مع محاولات


١ انظر حول العبرية الحديثة:
Haim Blanc, The Israeli Konie as an emergent National Standard, in: Language problems of developing Nations. "ed". J.A. Fishman New York ١٩٦٨, pp. ٢٣٧-٢٥١.
وانظر حول الأدب العبري الحديث:
Pnina Nave, Die neue hebraische Bern ١٩٦٢.

<<  <   >  >>