ولغة الجعز هي أقدم لغة سامية في الحبشة، ومن الصعب تتبع مراحل نشوء هذه اللغة أو بمعنى آخر تمييز هذه اللغة عن العربية الجنوبية القديمة، وهناك خلاف بين الباحثين في تصور الحياة اللغوية في الحبشة في القرون الأولى بعد الميلاد فضلا عن القرون السابقة على ذلك. يرى البعض أن الحبشة عرفت تنوعا لغويا وأن لغة الجعز هي لغة إحدى القبائل التي سيطرت على منطقة الجنوب وأن لغات أخرى وجدت إلى جانبها، ولكنها لم تدون إلا بعد ذلك بقرون طويلة. ويرى بعض الباحثين أن كل اللغات السامية في الحبشة ترجع إلى لغة واحدة هي لغة الجعز، وأنها بذلك من أصل واحد لا أكثر. ومن الصعب الوصول في هذه القضية إلى رأي واحد مفصل لقلة المصادر، فالأحباش لم يكتبوا إلا أقل من القليل. فقد مضى أكثر من ألف عام على هجرة القبائل اليمنية إلى الحبشة قبل أن يكتب هؤلاء الذين أصبحوا أحباشا لغتهم. فالنقوش الجعزية القليلة التي وصلت إلينا ترجع إلى الفترة بين القرن الرابع حتى القرن السابع للميلاد، وفي بداية هذه الفترة تحول الأحباش إلى المسيحية وأطلقوا على بلدهم اسم أثيوبيا وأصبحوا تابعين للكنيسة القبطية المصرية، وبعد تحول الأحباش إلى المسيحية. ويعد تحولهم أهم حدث في تاريخهم القديم، فتراثهم من الكتب الجعزية لا يكاد يتجاوز الإطار الديني المسيحي، كان الكتاب المقدس أول كتاب ترجم إلى لغة الجعز، وإلى جانبه ترجمت في هذه الفترة المبكرة من تاريخ الأدب الجعزي عدة نصوص دينية قليلة العدد قليلة الأثر، كما ترجم كتاب واحد يضم مجموعة من الأقاصيص الوثنية والمسيحية حول الحيوانات والنباتات وخصائصها. وأغلب الظن أن حركة الترجمة إلى لغة الجعز كانت جهد المبشرين الذين عرفوا الكتب الدينية في نصوصها السريانية أو اليونانية ونقلوها بعد ذلك إلى لغة الجعز. ومضت بعد هذه الفترة عدة قرون تمثل فراغا في تاريخ اللغة الجعزية والأدب الجعزي، فبعد القرن السابع قل التدوين بلغة الجعز، ثم توقف الأحباش عن الكتابة أربعة قرون كاملة لم يصل منها أي أثر مدون في نقش أو روقة أو كتاب، وكأن الحياة قد توقفت عندهم. ولكن المعرفة بالخط الجعزي ظلت متوارثة لأن