للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصالة الكلمة في العربية ولتحديد أصلها.

وقد ارتضى البحث الحديث تطبيق فكرة القوانين الصوتية باعتبارها المعيار الأول لتحديد أصالة الكلمة أو عدم أصالتها من الناحية الاشتقاقية١ ونوضح هذه الفكرة بمجموعة أمثلة تنتمي إلى المادة العربية "ثغر" وما يقابلها وفق القوانين الصوتية في اللغات السامية المختلفة. الثاء العربية تعبر عن الثاء في اللغة السامية الأم. ويقابلها الشين في العبرية والتاء في الآرامية، أما الغين العربية فيقابلها في الآرامية والعبرية صوت العين ومعنى هذا أن المقابل الاشتقاقي المباشر للمادة العربية "ث غ ر" هو "ش ع ر" في العبرية و"ت ع ر" في الآرامية. وهذا ما نجده في الكلمات "ثغر" في العربية و saar في العبرية. و tara في الآرامية، وواضح أن هذه الكلمات من جذر اشتقاقي واحد وقد طرأ على الكلمة الآرامية قلب مكاني وألحقت بها الفتحة الطويلة التي كانت أداة التعريف في الآرامية أما معنى هذه الكلمات فمتقارب لكنه غير متفق مثل كثير من الكلمات ذات الأصل الاشتقاقي الواحد، المعنى الأساسي لكل هذه الكلمات هو معنى الفتحة فتدل كلمة ثغر في العربية على منافذ الدولة نحو الخارج ونقط الحدود، فكانت توصف منطقة الحدود العربية البيزنطية بأنها الثغور. وعندما تطورت دلالة هذه الكلمة إلى معناها الحديث في العربية تحدد معناها بالمنافذ البحرية للدولة وكانت من قبل تدل على المنافذ البحرية أو البرية دون تخصيص. يضاف إلى هذا اسخدام كلمة "ثغر" بمعنى فتحة الفم، أما في العبرية فتدل كلمة "شعر" على الباب أو المدخل، وتدل الكلمة الآرامية "ترعا" على الباب أو المدخل أو الشيء الموصل إلى شيء آخر، وعندما انتقلت الصيغة الآرامية المذكورة إلى العربية احتفظت بسمتين أساسيتين دلتا على كونها غير أصلية في العربية ودخيلة من الآرامية، وهما وجود التاء - لا الثاء


١ انظر مثلا:
برجشتراسر: التطور النحوي للغة العربية ص ١٤٠-١٥٤

<<  <   >  >>