للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكثيرًا ما يحدث خلط بين مجالي العلمين، فعلم النصوص هو ما يطلق عليه في اللغات الأوربية اسم Philoligy، وقد تحدد مجال علم الفيلولوجي١ بمعناه الدقيق بتحقيق المخطوطات وإعدادها للنشر العلمي وفك رموز الكتابات القديمة وكل ما يتعلق بتقديم النصوص والنقوش القديمة على نحو يمكن من القيام بأبحاث متخصصة فيها، ولا شك أن تحقيق النصوص وفك الرموز ونشر النقوش أعمال علمية جليلة تقوم على دراسات تاريخية أو لغوية أو أدبية إلخ. ولكن هذا العمل الفيلولوجي يخرج عن ميدان اللغة، ويعتبر علم الفيلولوجي بهذا المعنى أساسًا لعلم اللغة ولغيره من العلوم التي تقوم على النصوص.

ارتبط البحث اللغوي الحديث في طور نشأته في القرن التاسع عشر بالبحث في النصوص والنقوش القديمة. لقد كانت المدرسة المقارنة في علم اللغة تهدف إلى التعرف على العلاقات التي تربط كل لغة من لغات الأسرة اللغوية الواحدة بالمراحل الأقدم، بل حاولوا التعرف على ملامح اللغة الهندية الأوربية الأم التي يفترض الباحثون في أن اللغات الهندية الأوربية المختلفة قد انحدرت منها. وحاول الباحثون في اللغات السامية أيضا إيضاح العلاقات التي تربط كل لغة من اللغات السامية باللغة السامية الأم التي افترض العلماء وجودها قبل اللغات السامية المعروفة. وأدى هذا الهدف التاريخي إلى الاهتمام بالنصوص القديمة وإلى النظر في المراحل التاريخية التالية باعتبارها انعكاسًا للماضي وامتدادًا له، ومن ثم فقد


١ يرجع اشتقاق هذه الكلمة إلى كلمتين يونانيتين Philos, وتعني "حب" و Logos وتعني "كلمة" أو "دراسة" وقد استخدمت الكلمة في الإنجليزية ابتداء من القرن الرابع عشر بمعنى دراسة التراث القديم.

<<  <   >  >>