للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان لها أثر كبير في البحث اللغوي الأمريكي في النصف الأول من القرن العشرين. ولكن ثمة فرقًا بين بحث اللغويين وبحث علماء النفس في قضايا اللغة.

يهتم علم اللغة بالعبارة المنطوقة عند صدروها من الجهاز الصوتي للمتحدث وفي أثناء مرورها في الهواء وعند تلقي الجهاز السمعي للمخاطب لها. ومعنى هذا أن العمليات العقلية السابقة على صدور العبارات المنطوقة لا تدخل في إطار علم اللغة. والعلاقة بين الجهاز العصبي والجهاز النطقي عند المتحدث ليست من مجالات البحث اللغوي، فاللغوين يهتمون باللغة عند صدورها ولا يهتمون بالعلميات العقلية السابقة على ذلك، فهي موضوع من موضوعات البحث في علم النفس، وعندما تصل اللغة الجهاز السمعي للمتلقي ويقوم بنقلها إلى الجهاز العصبي تحدث عمليات عقلية يبحثها علم النفس أيضا. أما تلك الظاهرة الصوتية التي تصدر عن المتحدث وتمضي في شكل موجات صوتية فتصل الملتقي فهي اللغة، وهي مجال البحث في علم اللغة١.

وهناك فرق أساسي بين منهج اللغويين وعلماء النفس تجاه الظواهر اللغوية، فقد صرف علماء النفس جهدهم إلى اكتشاف قوانين عامة تفسر السلوك الإنساني، وركزوا جهدهم على الظواهر العامة مثل التعليم والإدراك والقدرات. ولكنهم لم يهتموا بمحتوى السلوك نفسه، ففي بحث قضية التعليم لم يهتموا بالمادة المنشودة التي تعلم، بل كان اهتمامهم مركزًا على عملية التعليم باعتبارها عملية عقلية٢. وفي السنوات الأخيرة حاول بعض الباحثين النظر إلى اللغة من الجانبين، فلم تعد الاستجابات اللغوية Verbal responses تدرس باعتبارها ضربًا من ضروب الاستجابات فحسب بل روعيت البنية اللغوية في


١ انظر: Bloomfield, Language
٢ انظر التقرير العلمي العميق الذي كتبه كارول أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد حول علم اللغة والعلوم المرتبطة به والمنشور بعنوان:
Caroll, The Study of Lunguage- Harvard Universuty Press ١٩٥٣
, ١٩٦٦
ويتناول الفصل الثاني من الكتاب: علم اللغة وعلم النفس

<<  <   >  >>