للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تقدَّم١ أن من أهم خصائص الكلام اشتماله على مقاطع وكلمات, وتميز عناصره بعضها من بعض٢.

الطائفة الثالثة: أصوات مركبة ذات مقاطع تلفظها بعض الطيور؛ كالببغاء, وما إليها من الفصائل التي امتازت أعضاء صوتها بخصائص طبيعية تتيح لها إخراج هذا النوع.

وهذه الطائفة كذلك ليست في الواقع من اللغة الصوتية في شيء, وإن أشبهتها في الظاهر. وذلك أن الطائر لا يقصد بهذه الأصوات التعبير، فهي تصدر عنه في ثلاث حالات كلها فطرية آلية عارية بتاتًا عن هذا القصد:

الحالة الأولى: حينما يكون الطائر متلبسًا بانفعال جسمي أو نفسي, وهي في هذه الحالة من نوع التعبير الطبيعي عن الانفعالات, تصدر عن غير قصد، ويثيرها بشكل آلي الانفعال المتلبس به الطائر, وإثارتها مؤسسة على الروابط الطبيعية الفطرية التي تربط أعضاء الصوت بحالات الجسم والنفس بطريقة تجعل هذه الأعضاء تتحرك وحدها بشكل آلي أو منعكس, وتلفظ أصواتًا مركبة ذات مقاطع عند وجود حالة من الحالات الجسمية أو النفسية المرتبطة بها؛ فهي حينئذ من قبيل الضحك والبكاء, وما إليها من مظاهر "التعبير السمعي". وكل ما هنالك أن التعبير الطبيعي السمعي يبدو عند الحيوانات الأخرى في صورة أصوات بسيطة مبهمة، ويبدو عند هذه الطيور أحيانًا في صورة أصوات مركبة ذات مقاطع.

والحالية الثانية: حينما تكون محاكاة لصوت إنساني سمعه


١ انظر آخر ص٨٦ وأول ٨٧.
٢ انظر في هذا الموضوع بحوث الأستاذ Pfungst الذي درس أكثر من مائتي قرد في حديقة الحيوان ببرلين، وبحوث Bouton الذي لاحظ في أثناء خمس سنوات نمو قرد من فصيلة الجيبون، وبحوث كوهلر الذي كتب كثيرًا في القردة, وبخاصة القردة العليا, التي ألف فيها كتابه الشهير "ذكاء القردة العليا", وانظر ما كتبه أستاذي العلامة دولا كروا بهذا الصدد في كتابه "اللغة والتفكير" ص٧٧ وتوابعها.

<<  <   >  >>