للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامًا؛ لأن أهم خصائص الكلام أنه أصوات موضوعة للدلالة, وأنه يعبر به عن معانٍ لا عن انفعالات١.

الطائفة الثانية: أصوات متنوعة تلفظها القردة في اجتماعاتها بطريقة يتبادر منها إلى الذهن أنها وسائل تعبير إرادي، وأن أفراد القردة تتجاذب بها الحديث بعضها مع بعض. وتبدو هذه الظاهرة بشكل واضح في الفصائل العليا مع القردة, وبخاصة طائفة "الجيبون"٢.

وهذه الطائفة كذلك ليست في الواقع من اللغة الصوتية في شيء, وأن أشبهتها في ظاهرها ومناسبات استخدامها. فقد ظهر بالبحث فيها أن بعضها تعبير طبيعي عن الانفعال، وبعضها مجرد ترديد إرادي لهذا التعبير٣، وبعضها من ظواهر التداعي الآلي٤ أو العدوى الصوتية٥, أو تقليد الحيوان بطريق فطري غير إرادي لأصوات نفسه أو أصوات غيره٦.-هذا إلى أنها- على الرغم من تنوعها، وعلى الرغم من تشابه أعضاء النطق عند فصائل القردة وأعضاء النطق الإنسانية- أصوات مبهمة بسيطة عارية عن المقاطع والكلمات وغير متميزة العناصر.


١ يبدو كذلك هذا النوع من الأصوات عند الطفل الإنساني في شهوره الأولى, كما سنذكر ذلك في الفصل الثاني من هذا الباب, وقد رأينا تسمية هذا النوع عند الطفل "الأصوات الوجدانية الإرادية". وقد يلجأ الكبار أنفسهم أحيانًا لهذا النوع من التعبير فيضحكون مثلًا متكفلين الضحك للتعبير عن السرور.
٢ ولهذه الأمور وما شاكلها, ذهب بعض العلماء إلى أن للقردة لغة تتألف من اثنتين وثلاثين كلمة, ويذهب الدكتور أرثر جرينهول, المدير العام لحدائق الحيوان في ديترويت إلى أن الحيوانات الوحيدة التي تصدر عنها أصوات تشبه اللغة هي الشمبانزي "انظر جريدة الأهرام في عددها الصادر يوم ٨/ ١٢/ ٤٨".
٣ أي: من الأصوات التي سبق ذكرها في الطائفة الأولى.
٤ وذلك أن يرتبط الصوت بشيء آخر بطريقة تجعله يظهر بشكل غير إرادي كلما ظهر هذ الشيء, وسيأتي بيان ذلك بتفصيل في الطائفة الثالثة.
٥ تبدو ظاهرة العدوى الصوتية عند كثير من أنواع الحيوانات، وتبدو كذلك عند الأطفال إذا صمم مكان واحد: يصوت الوليد منهم فيثير صوته أصوات الآخرين, ويبكي أحدهم فيبكي لبكائه الباقون "انظر تفصيل هذا بكتابي "عوامل التربية" صفحة ١٨٤ وتوابعها.
٦ سيأتي شرح هذا في الطائفة الثالثة.

<<  <   >  >>