للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العموم١, وفي لغة الهورونيين Hurons "من السكان الأصليين لأمريكا الشمالية" يوجد لكل حالة من حالات الفعل المتعدي لفظ خاص بها، ولكن لا يوجد للفعل نفسه لفظ يدل عليه, فيوجد لفظ للتعبير عن الأكل في حالة تعلقه بالخبز، ولفظ آخر للتعبير عنه في حالة تعلقه باللحم، وثالث في حالة تعلقه بالزبد، ورابع في حالة تعلقه بالموز, وهكذا، ولكن لا يوجد فعل ولا مصدر للدلالة على الأكل على العموم, أو الأكل في زمن ما٢. ولغة السكان الأصليين لجزيرة تسمانيا Tasmenis "بقرب أستراليا" لا يوجد من بين مفرداتها لفظ يدل على الصفة، فإذا أرادوا وصف شيء لجئوا إلى تشبيه بآخر مشتمل على الصفة المقصودة، فيقولون مثلًا "فلان كشجرة كذا" إذا أرادوا وصفه بالطول٣.

ولذلك يرى المحدثون من علماء اللغة أن الأصول الخمسمائة -السابق ذكرها- لا تمثل في شيء اللغة الإنسانية الأولى كما يذهب إلى ذلك مكس مولر، بل إنها بقايا لغة حديثة قطعت شوطًا كبيرًا في سبيل الرقي والكمال, ولم تصل إليها الأمم الإنسانية إلّا بعد أن ارتقت عقلياتها ونهض تفكيرها, ويذهب بعضهم إلى أبعد من هذا, فيقرر أنها مجرد أصول نظرية, وأنها لم تكن يومًا ما موضوع لغة إنسانية٤.

النظرية الرابعة: تقرر أن اللغة الإنسانية نشأت من الأصوات الطبيعية "التعبير الطبيعي عن الانفعالات، أصوات الحيوان، أصوات مظاهر الطبيعة، الأصوات التي تحدثها الأفعال عند وقوعها؛ كصوت الضرب والقطع والكسر ... إلخ" وسارت في سبيل الرقيّ شيئًا فشيئًا تبعًا لارتقاء العقلية الإنسانية وتقدم الحضارة واتساع نطاق الحياة


١ Ribot Evolutiln des ldees Generales p ١١٠
٢ Ribot op cit ١٧٣ ١٧٤
٣ Ribot op cit ٢٠٤ et suiv
٤ هذا هو رأي الأستاذين سيس وبريال Sayce Breal, انظر في ذلك Ribot op cit ٨١-٨٢.

<<  <   >  >>