في إمكانهم أن يذهبوا إلى أن هذه المراكز لم تنشأ من العدم، بل كانت نتيجة تطور لمراكز قديمة أو لأجزاء من مراكز قديمة, كان في أماكنهم مثلًا أن يذهبوا إلى أن جزءًا من مراكز الحركة الخاصة بعضلات الوجه Centres des mouvements des muscles de la face قد تخصص في حركة أعضاء النطق. ومع تقادم الزمن وكثرة مزاولته لهذه الوظيفة تشكل بالشكل الذي يتفق معها, واستقل عن غيره, وأخذ يسير في سبيل الارتقاء حتى وصل إلى الحالة التي هو عليها الآن. كان في إمكانهم أن يقولوا: هذا بصدد مراكز الكلام, ويقولوا مثله بصدد المراكز اللغوية الأخرى؛ فيتقوا معظم ما وجه إلى فروضهم السابقة من اعتراضات, ويكون مذهبهم أدنى إلى القبول وأكثر اتفاقًا مع حقائق الأمور, وذلك أنه بالموازنة بين مخ الإنسان وأمخاخ الحيوانات القريبة منه، يظهر أن مراكزه اللغوية -على فرض أنها لم تكن موجودة في أصل خلقه- كانت نتيجة تشكيل جديد لبعض المراكز الموجودة في أمخاخ هذه الحيوانات.