عما كانت عليه أصوات اللغة الإنسانية في مبدأ نشأتها, وعن مراحل ارتقائها, وقد ذهب معظم هؤلاء إلى أن اللغة قد سارت بهذا الصدد في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة الصراخ Le Cri:
وفي هذه المرحلة لم يكن في أصوات اللغة الإنسانية أصوات مد -وهي الأصوات التي نرمز إليها بحروف اللين, ولا أصوات ساكنة -وهي الأصوات التي نرمز إليها بالحروف الساكنة، وإنما كانت مؤلفة من أصوات مبهمة تشبه أصوات التعبير الطبيعي عن الانفعال؛ كالضحك والبكاء والصراخ، وأصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة والأشياء؛ كدوي الريح وحنين الرعد وخرير الماء وحفيف الشجر وجعجعة الرحى وصوت القطع والضرب ... وهلم جرا.
والمرحلة الثانية: مرحلة المد Vocalisation: وفيها ظهرت أصوات اللين في اللغة الإنسانية.
والمرحلة الثالثة: مرحلة المقاطع Articulation: وفيها ظهرت الأصوات الساكنة في اللغة الإنسانية "الباء، التاء، الثاء.... إلخ".
ويعتمد أصحاب هذه النظرية في تأييدها على أمور مستمدة من لغة الطفل ولغات الأمم البدائية:
أما فيما يتعلق بالطفل؛ فقد ظهر أن أصواته تجتاز المراحل نفسها التي ذكرها أصحاب هذه النظرية, فأصواته في المبدأ يتألف معظمها من الصراخ والأصوات المبهمة المشبهة لأصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة، ثم تكثر لديه في المرحلة التالية أصوات المد، وفي آخر مرحلة يجتازها قبل أن يظهر لديه التقليد اللغوي، وهي المرحلة التي يسميها علماء النفس بمرحلة:"التمرينات النطقية"، تكثر في نطقه الأصوات الساكنة١.
١ سنتكلم عن هذا الموضوع بتفصيل في الفصل الثاني من هذا الباب.