للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اعتمد في تأييد نظريته هذه على أدلة كثيرة, بعضها يرجع إلى لغة الطفل ولغات الأمم البدائية، وبعضها إلى بحوث إيتيمولوجية "دراسة أصول الكلمات" أو نفسية, فمن ذلك أن الأصول الهندية الأوربية التي كشفها "مكس مولر", يتألف معظمها من كلمات دالة على الصفات، وفي هذا دليل على أن الصفات كانت أسبق الكلمات ظهورًا في اللغة الإنسانية، وأن معظم أسماء المعاني وأسماء الذوات مشتقة في كثير من اللغات من كلمات دالة على صفات، وفي هذا دليل على أن الأسماء لم تظهر في اللغة الإنسانية إلّا بعد ظهور الصفات، وأن معظم الأفعال في اللغات الهندية الأوروبية مأخوذة من كلمات دالة على صفات أو أسماء, مضاف إليها بعض أصوات من ضمائر، وفي هذا دليل على أن الأفعال قد ظهرت بعد ظهور الصفات والأسماء، وأن كثيرًا من لغات الأمم البدائية مجردة من الحروف١، وأن لغة الطفل لا تظهر فيها الحروف إلّا في آخر مرحلة من مراحلها، ففي المرحلة الأولى ينطق الطفل بأجزاء الجملة عارية عن الحروف وعن علامات الربط٢، وفي خلو اللغات البدائية ولغة الطفل في مراحلها الأولى من الكلمات الدالة على الحروف دليل على أنها كانت آخر ما ظهر في اللغات الإنسانية.

وليس من بين هذه الأدلة ما ينهض برهانًا قاطعًا على صحة هذه النظرية، بل إنها ظاهرة الخطأ في بعض نواحيها، وخاصة إذ تقرر أن الصفات كانت أسبق ظهورًا في اللغة الإنسانية من أسماء الذوات, ففي هذه الناحية توجه إليها المآخذ نفسها التي وجهناها إلى نظرية مكس مولر٣.


١ سيأتي الكلام عن ذلك في اللغات غير المتصرفة "انظر صفحتي ١١٧، ١١٨".
٢ سيأتي الكلام على ذلك بتفصيل في الفصل الثاني من هذ الباب.
٣ انظر صفحتي ١٠٢، ١٠٣.

<<  <   >  >>