للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووظائفها وأسسها١, ويتألف معظمها في المبدأ من أصوات لينة "حروف مد", ثم تكثر فيها فيما بعد ذلك الأصوات ذات المقاطع "الحروف الساكنة", وقد تظهر لديه في هذه المرحلة بعض أصوات يحاول بها محاكاة ما يسمعه في صورة ما, كما تقدم بيان ذلك٢.

وأما فيما يتعلق بأنواع التعبير، فلا يظهر منها لدى الطفل في هذه المرحلة أيّ نوع جديد, ولكن ترقى لديه الأنواع القديمة التي تكلمنا عليها في المرحلة السابقة، وبخاصة الإرادي منها، فتكثر محاكاته الإرادية لوسائل التعبير الفطري, وتتهذب طرق تعبيره بالإشارة، ويتسع نطاقه، وتضبط دلالاته.

وفي هذه المرحلة، بل من قبل هذه المرحلة، يختزن الطفل في ذاكرته كثيرًا من الكلمات والجمل التي ينطق بها المحيطون به ويفهم مدلولها بدون أن يستطيع محاكاتها, ويساعده على فهمها سياق أعمال المتكلمين وما يصدر عنهم في أثناء النطق بها من حركات يدوية وجسمية وإشارات إلى ما تدل عليه, فإذا كُلِّفَ الطفل في هذه المرحلة أمرًا ما "اقفل الباب، هات الكوب، ضع لعبتك في العربة ... إلخ" أو طلب إليه الإشارة إلى أحد أعضائه، أو أعضاء غيره, أو إلى هنة ما "أين أنفك، أذنك، أبوك، أمك، عمك، سريرك، لعبتك ... " أدى ما كلفه, وأشار إلى ما يطلب إليه تعيينه من أعضاء وأشياء في صورة تدل دلالة قاطعة على فهمه لما سمع.

وقد ذكر الأستاذ بريير Preyer, أن النطق الواضح بالكلام لم يبدأ عنه ابنه إلّا في الشهر الثامن عشر، مع أنه، منذ الشهور الأخيرة من السنة الأولى، كان يفهم معظم ما يقال له وما يسمعه.


١ انظر صفحات ١٢٣-١٢٥, وقد يظهر هذا النوع من الأصوات عند بعض الأطفال قبل الشهر الخامس كما سبقت الإشارة إلى ذلك في التعليق الأول ص١٢٣.
٢ انظر صفحة ١٢٥.

<<  <   >  >>