والتقليد في اللغة متوقف عليها مجتمعة في نشأته وفي تطوره, فعدم ظهوره قبل الشهر الخامس يرجع سببه إلى عدم وجودها قبل هذه السن، وضعفه في مرحلة "التمرينات النطقية" يرجع سببه إلى ضعفها في هذه المرحلة، وقوته في المرحلة التالية "مرحلة التقليد اللغوي" مدين بها الطفل لقوتها في هذا الدور.
غير أنه يحدث عند بعض الأطفال أن يتخلف التقليد عن هذه العوامل الثلاثة, فقد لوحظ أن بعض الأطفال يفهمون في سن مبكرة معظم ما يقال لهم "وفي هذا دليل على توافر العوامل الثلاثة توافرًا كاملًا"، ومع ذلك لا تظهر لديهم بوادر المحاكاة اللغوية إلّا في السنة الثالثة أو الرابعة أو الخامسة. ولوحظ كذلك أن بعض الأطفال يتقدمون كثيرًا في السن ولا يتكلمون إلّا بمعالجة واستخدام وسائل غير طبيعية مع سلامة أعضاء نطقهم وسمعهم وقواهم الفكرية، ومع أن سلوكهم في مرحلة بكمهم هذه يدل على فهمهم لما يوجه إليهم أو يقال حولهم من حديث، ولوحظ أن هذا التأخر اللغوي يتبعه غالبًا تأخر في المشي عند الطفل.
ويرجع في الغالب سبب هاتين الظاهرتين معًا "تأخر الكلام وتأخر المشي" إلى خمول محلي في أعضاء النطق والحركة، أو كسل طبيعي عام، أو تراخي الطفل وقلة نشاطه, وضعف رغبته في الاشتراك في الحياة الاجتماعية.
ولهذا يجدر أن نضيف إلى هذه العوالم الثلاثة عاملًا رابعًا، وهو نشاط الطفل الحيوي وقوة عزمه وإرادته ورغبته في الاشتراك في حلبة الحياة.