للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفردات وأفكار، وتختلف أساليبها وطرق تراكيبها باختلاف العصور وتطور الظروف الاجتماعية المحيطة بالطبقات الناطقة بها؛ فلهجات العمال والمجرمين بفرنسا, تختلف بعد الحرب العظمى الأولى اختلافًا بينًا عما كانت عليه قبل ذلك، وتختلف في القرن العشرين اختلافًا كبيرًا عما كانت عليه مثلًا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر, ولا أدلَّ على ذلك من أن معظم القطع التي كتبها بتلك اللهجات في القرن الخامس عشر الشاعر الفرنسي فرانسو فيلون Francois Villon١, لم يستطع بعد في العصر الحاضر حل جميع رموزها وفهم جميع مدلولاتها.

وتؤثر اللهجات الاجتماعية في لغة المحادثة العادية تأثيرًا كبيرًا، فتستعير منها هذه اللغة كثيرًا من التراكيب والمفردات، وبخاصة المفردات التي خصص مدلولها العام, واصطلح على إطلاقها على أمور خاصة تتعلق بفن أوحرفة, وما إلى ذلك. فلغة المحادثة العايدة بباريس في العصر الحاضر قد دخل فيها عن هذا الطريق كثير من مفردات اللهجات الاجتماعية, وبخاصة لهجات العمال والمجرمين, وكذلك الشأن في اللغة الإنجليزية٢.

ولا تتميز في العادة اللهجات الاجتماعية بعضها عن بعض تميزًا واضحًا إلّا في المدن الكبيرة؛ حيث يتكاثف السكان، ويزدحم الناس، وتنشط الحركة الاقتصادية، وتتنوع الوظائف، وتتعدد المهن، ويشتد النزاع بين الطبقات؛ كنيويورك ولندن وباريس في العصر الحاضر، وكبغداد في العصر العباسي.


١ شاعر فرنسي, ولد بباريس سنة ١٤٣١, وتوفي سنة ١٤٨٩, وقد عاش وسط اللصوص والمجرمين، واتهم أكثر من مرة بالسرقة والقتل, ومن أشهر مؤلفاته: "العهد الصغير" و"العهد الكبير" Petit Testament Grand Testament
٢ أثبت الأستاذ بارتروج في معجمه المشار إليه في التعليق المدون في الصفحة السابقة أن كثيرًا من الاصطلاحات الحديثة في اللغة الإنجليزية التي يظن الإنجليز أنها مأخوذة من اللغة الأمريكية العامية، مشتقة في الأصل من لغة المجرمين الإنجليز, أو من اللغة الإيرلندية القديمة. "انظر جريدة المصري الصادرة في ٢١/ ٥/ ١٩٥٠.

<<  <   >  >>