للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهم أنواع اللهجات الاجتماعية ما يسمونه: "باللهجات الحرفية", وهي اللهجات التي يتكلم بها فيما بينهم أهل الحرف المختلفة؛ كالبرادين والنجارين والنقاشين والصيادين والبحارة, وهلمَّ جرَّا. وتتميز اللهجات الحرفية بعضها من بعض تميزًا كبيرًا في المناطق التي يسود فيها "نظام الطوائف" Regime des castes حيث تختص كل طبقة بحرفة أو وظيفة خاصة تكون وقفًا على أفرادها, لا يجوز لهم ولا لأعقابهم من بعدهم الاشتغال بغيرها، كما لا يجوز لغيرهم الاشتغال بها, كما هو الحال في كثير من بلاد الهند. على حين أنه في الأمم الحديثة التي قُضِيَ فيه على نظام الطوائف, فأصبحت الحرف حظًّا مشاعًا بين جميع أفراد السكان, يزاول كل منهم المهنة التي تروقه، وينتقل إذا شاء من مهنة إلى أخرى، وأصبحت الطبقات الاجتماعية غير واضحة الحدود, ولا موصدة الأبواب على غير أهلها، في هذه الأمم تتداخل اللهجات الحرفية بعضها في بعض ويتأثر بعضها ببعض، وتقل بينها الفروق، وتضعف المميزات١.

هذا، وقد خُيِّلَ إلى بعض علماء "الأتنوجرافيا" أن اللهجات


١ للهجات الاجتماعية مظاهر كثيرة في مصر في العصر الحاضر نفسه, ومن أوضح مظاهرها لغة الصيادين وأبناء البحار, فهي تختلف اختلافًا كبيرًا عن اللغة العادية في كثير من مفرداتها وتراكيبها, ومن بين مفرداتها ما هو من أصل عربي, وإن اختلف مدلوله أحيانًا عن مدلوله في الفصحى، ومن ذلك "ينصلح" بمعنى: يهلك، و"القرية" وهي خشبة الشراع الأكبر، و"البومة" وهي الخشبة المربوط فيها القلع، و"الغليتي" وهو الجو الناعس الحنون، و"المريس" وهو الريح من الجنوب، و"اللبش" وهوالريح من الجنوب الشرقي، و"القلفطة" وهي عملية رتق السفنية بالشحم وحبال الكتان، و"الشاغول" و"العويل" و"الإبليس" و"الفاية" وهي أسماء لحبال مختلفة يربط بها الشراع، و"ضرب بلطة" بضم الباء, أي: حاد عن الجادة فانحرف نحو اليمين أو الشمال مع الريح أو ليغير اتجاه السفينة, ومن بين مفرداتها ما هو غير عربي الأصل, ومن ذلك "الأرطمون", من أصل فرنسي ومعناه شراع صغير، و"البانكا", من أصل إيطالي, وهو مقعد المجدفين, و"الهلب", من أصل إنجليزي, ومعناها المرساة، و"الشابورة" "من أصل ألماني, وهي خشبة في مقدمة السفينة"، و"السكارج", من أصل فارسي وهي حلقات الدفة"، و"البروة", من أصل أسباني وهي صدر السفينة. انظر في ذلك مقالًا تحت عنوان: "لغة الغموض والألغاز التي يتفاهم بها الصيادون" نشره في جريدة المصري الصادرة في ٢٥/ ٢/ ١٩٥٠ للأستاذ إبراهيم محمد الفحام. وكثير من الكلمات السابقة قد قمت أنا بتسجيله من لغة البحارة من أهل رشيد.

<<  <   >  >>