للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا يظهر أن المنطقة التي تشغلها الفصيلة الحامية-السامية أصغر كثيرًا من المنطقة التي تشغلها الفصيلة الهندية الأوروبية, فبينما الفصيلة الهندية الأوروبية تشغل أوروبا والأمريكتين وأستراليا وجنوب أفريقيا وقسمًا كبيرًا من آسيا، إذ الفصيلة الحامية-السامية لا تشغل إلّا بلاد العرب وشمال أفريقيا وجزءًا من شرقيها, إلى درجة عرض ٤ جنوب خط الاستواء, فمنطقتها لا تتجاوز عشرين مليون كيلو مترًا مربعًا، بها قسم كبير صحراوي "ببلاد العرب وشمال أفريقيا"، وعدد الناطقين بها لا يتجاوز مائة وخمسين مليونًا، أي: نحو عشر سكان أوروبا وحدها, ولكنها تمتاز عن الفصيلة الهندية الأوروبية بأن منطقتها متماسكة الأجزاء لا يتخللها أي عنصر أجنبي.

ويتألف من الناطقين بها مجموعة شديدة التجانس, تتلاقى شعوبها في أصول واحدة قريبة، وتتفق في أساليب الحياة ونوع الحضارة والنظم الاجتماعية.

ويجمع بين اللغات السامية -المجموعة الأولى من هذه الفصيلة- كثير من الصفات المشتركة المتعلقة بأصول الكلمات والأصوات ومخارج الحروف وقواعد الصرف والتنظيم ... وما إلى ذلك, وقد قويت وجوه الشبه بين بعض أفردها حتى ليحسبها الباحث مجرد لهجات للغة واحدة١.

أما مجموعة اللغات الحامية -المجموعة الثانية من هذه الفصيلة- فلا يوجد بين طوائفها الثلاث -المصرية، والبربرية، والكوشيتية- من وجوه الشبه والقرابة اللغوية أكثر مما يوجد بين كل طائفة منها ومجموعة اللغات السامية, فاعتبارها مجموعة متميزة هو مجرد اصطلاح لا يتفق في شيء مع حقائق الأمور.

ولذلك عدل بعض المحدثين عن تقسيم هذه الفصيلة إلى مجموعتين،


١ انظر تفصيل هذا الموضوع في كتابنا "فقه اللغة" وخاصة في مقدمته.

<<  <   >  >>