للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وآثر جعلها من بادئ الأمر أربع مجموعات: السامية، والمصرية، والبربرية، والكوشيتية١.

وتختلف هذه المجموعات الأربع بعضها عن بعض اختلافًا غير يسير في كثير من الظواهر، ولكن بينها، على الرغم من ذلك، من وجوه الشبه والقرابة اللغوية ما يسمح بجعلها فصيلة واحدة مقابلة للفصيلة الهندية الأوربية.

هذا، وقد تغلبت مجموعة اللغات السامية على المجموعات الثلاث الأخرى, واحتلت كثيرًا من مناطقها. فاللغات القبطية والبربرية قد انهزمت أمام اللغة العربية، ولم يبق من البربرية الآن إلّا فلول ضئيلة٢, وكذلك كانت نهاية الكوشيتية في صراعها مع اللغات السامية؛ فقد احتلت اللغات السامية معظم مناطقها، ولم يبق الآن من اللغات الكوشيتية إلّا بعض لهجات قليلة في بلاد الصومال، والحبشة وفي المناطق المتاخمة لها.

وقد اشتبكت اللغات السامية نفسها في صراع بعضها مع بعض, وأول صراع حدث بينها كان صراع الآرامية مع اللغات الأكادية والكنغانية؛ فقد اشتبكت في صراع مع الأكادية أولًَا وقضت عليها في أوائل القرن الرابع ق. م، ثم صرعت العبرية في أواخر الرابع ق. م، وتغلبت على الفينقية بآسيا في القرن الأول ق. م. والصراع الثاني كان صراع العربية مع أخواتها؛ فقد اشتبكت في صراع مع اللغات اليمنية القديمة, وقضت عليها قبيل الإسلام, ولم يفلت من هذا المصير إلّا بعض مناطق متطرفة نائية ساعد انعزالها وانزواؤها على نجاتها، فظلت محتفظة بلهجتها القديمة حتى العصر الحاضر, ثم اقتحمت العربية على الآرامية معاقلها في


١ وهذا هو ما سار عليه مارسل كوهين Marccl Cohen انظر:
Les Langues du Monde pp ٨١-١٥٣ Part ٨٣
٢ لا تزال البربرية إلى الوقت الحاضر لغة حديث بين كثير من القبائل المغربية في المغرب والجزائر وتونس وفي بعض الواحات التابعة لليبيا، فإن أهلها من البربر ولا يزالون يتكلمون البربرية إلى اليوم.

<<  <   >  >>