وكما بذل الفنلنديون جهودهم للمحافظة على لغتهم منذ القرن الثالث عشر وحمايتها من طغيان السويد، أخذوا بعد ذلك يواصلون جهودهم لصد غزو اللغة الروسية, وفي عام ١٨٦٣ تكلل كفاحهم عندما أصدر القيصر الروسي ألكسندر الثاني اعترافًا باللغة الفنلندية كلغة رسمية لأهالي فنلندا. وعندما استقلت عن روسيا في عام ١٩١٧, كانت دعوة القومية الفنلندية قد بلغت ذروتها؛ فمضت البلاد بعد استقلالها تحارب كل أثر للغتين السويدية والروسية, وسرعان ما اختفت الروسية لعدم تأصلها في البلاد، ولأن استخدامها كلغة رسمية في فنلندا لم يكد يتجاوز نصف قرن, ولكن السويدية التي كان لها جذور ممتدة إلى أعماق الماضي، والتي ظل استخدامها في فنلندا كلغة رسمية زهاء ستة قرون، بقيت لها آثار كثيرة في اللغة الفلندية وفي ألسنة الفنلنديين وفي مكاتباتهم حتى الآن, بل لقد أصبحت اللغة السويدية لغة التخاطب لنحو ٣٠٠ ألف شخص من سكان فنلندا البالغ عددهم ٤ ملايين ونصف مليون. ولكن الفنلنديين أدركوا أخيرًا مزايا تعلم السويدية إلى جانب لغتهم الأصلية، حتى لا يصبحوا في عزلة عن السويد وسائر الدول الأسكندينافية، وأخذت سلطات هلسنكي الآن تشجع نظام تعليم اللغتين في مدارسها. ٢ قد انقرضت هذه اللغة وحل محلها لسان صقلبي؛ كما سنذكر ذلك في الفقرة الثانية من الفصل الثالث، انظر على الأخص ص٢٣١.